الإكسرخوس الرسولي فادي بو شبل
اليوم، بينما كنت أتصفّح الفيسبوك، لفتت انتباهي صورة يخجل أمامها النظر الإنساني.
في بلد الجمال والرسالة وتعدّد الأديان والحضارات، في بلد التراث والثقافة ووقف الله على الأرض، نرى الإنسان اللبناني يُذلّ ألف مرّة في الساعة الواحدة.
أسألكم، في أيّ بلدٍ من العالم، في القرن الحادي والعشرين، لا يزال الإنسان يعيش فيه بلا خبز ولا ماء ولا كهرباء ولا دواء، والأصعب من هذا كلّه بلا كرامة؟
في أيّ بقعة على هذه الأرض الواسعة يُهان الإنسان إلى هذا الحدّ، ويُستهان به من المسؤولين الذين هم من أهل بيته كما هو الحال في بلد الأرز؟
قبل أن أكون كاهنًا، أنا مسيحيّ، وقبل أن أكون مسيحيّ، أنا إنسان، وبهذه الصفة أتكلّم وأصرخ، حتّى ولو كان السامعون صُمًّا.
فصرختي لا أريدها أن تُسْمَع بحاسة السمع بل بصحوة الضمير.
فيا أيّها المسؤولون عن وطن عمره أكثر من 6000 سنة، هل تدركون ماذا سيكتب عنكم التاريخ؟
حبّذا لو عدتم إلى كتب التاريخ لتعرفوا أن السفّاح لم يُكتب عنه أنّه كان قديسًا، والطاغية لم يُعرّف عنه بأنّه البار، فالتاريخ سيُعرّف عنكم ما أنتم في الحقيقة، ولن يستحي بأن يذكر أنّكم كنتم سبب تجويع لشعبكم، وبهدلة لمواطنيكم.
إن كنتم لا تستطيعون أن تساعدوا وطنكم على النهوض، فالأشرف لكم أن تتنحّوا عن مسؤوليّاتكم، لئلا يصبح اسم كلٍّ منكم على لائحة التاريخ السوداء.
عذرًا، يا من أعتبركم إخوتي في الإنسانيّة على لهجتي هذه معكم، «فالحبّ وحده يجرؤ على الكلام»، وأنا أحبّكم.
لبنان «سويسرا الشرق»، نراه اليوم فنزويلا المنهوبة، ودرّة الشرقين قد أصبح يتيمًا، ولم يعد يلتفت إليه لا الشرق ولا الغرب…
ووطن الرسالة قد أصبح بمعزل عن أيّ رسالة غير تلك التي تخبر عن كيفيّة انتهاك كرامة الإنسان والمواطن.
فيا سادة، لا وألف لا، إن وطن القداسة والقديسين سينهض من جديد، وأرزته الحقيقيّة مريم العذراء لم ولن تتخلّى عنه، لا بالأمس، ولا اليوم، ولا حتى في الغد، فهي العذراء الساهرة التي أنقذتنا من الشدائد على الدوام، وهي الأمّ التي لا تزال تصلّي إلى ابنها يسوع المسيح ليرحم لبنان وشعبه كلّه.