لارا المغاريقي
في عالمٍ تسوده الضغوطات المادّية والتحدّيات اليوميّة، يغدو الحبّ المبني على الإيمان والقيم الروحيّة نورًا يضيء طريق الحياة الزوجيّة، ومصدرًا للقوّة والثبات. عندما قرّر إيلي نخلة، ممرّض مجاز ورئيس جمعيّة بيت العناية الأهليّة في الحدث، وكوزيت غصين، اختصاصيّة في العمل الاجتماعي ومدرّبة وناشطة رعويّة واجتماعيّة، أن يرتبطا معًا إلى الأبد، لم يسعيا إلى حياة زوجيّة سعيدة فقط، بل إلى بناء شراكة مقدّسة تعكس محبّة الله ونِعَمِه في كلّ تفاصيلها. حضور الله في علاقتهما يمنحهما القوّة لتجاوز الصعوبات، ويجعل حبّهما أكثر نقاءً ونضجًا، فيصبح قائمًا على التفاهم والاحترام والتضحية المتبادلة.
لا يقتصر الحضور الإلهي على حياتهما الخاصّة فحسب، بل يمتدّ ليشمل المحيطين بهما، فيتحوّلان إلى مصدر إلهام ومحبّة للجميع. من خلال عملهما الإنساني، أصبحا شهادةً صادقةً على قوّة الحبّ الإلهي، فهما يؤثّران في المجتمع بأسلوب حياتهما المبني على الحبّ والإيمان والخدمة المطلقة.
كيف يستطيع هذان الزوجان أن يجعلا من علاقتهما شهادةً مفعمةً بالحياة لحضور الله؟ وما السبل العمليّة التي تمكّنهما من التأثير إيجابيًّا على الآخرين؟
كوزيت غصين وإيلي نخلة يشاركان «قلم غار» قصّتهما الملهمة، ومسيرتهما الفائضة بالحبّ والالتزام مع الربّ.

–كيف تشعران بحضور الله في حياتكما اليوميّة؟
منذ لحظة ارتباطنا حتى اليوم، نشعر دائمًا بقوّة إلهيّة ترافقنا وتحفظ خطواتنا. نثق بنعمة الربّ التي تجعلنا نعيش باطمئنانٍ وفرحٍ دائمين. ونلمس حضوره من خلال مباركته تعبنا وجهودنا في المنزل، أو في الجماعة، أو في الرعيّة.
باتحادنا معًا، لم نعد شخصين، بل أصبحنا شخصًا واحدًا، متساويين في الكرامة الشخصيّة في ظلّ الحبّ المتبادل والكامل، متمسّكين بأمانتنا لحبّنا وللعهد الذي قطعناه يوم قرّرنا أن نُكمل مشوار الحياة معًا. حضور الربّ يظهر جليًّا من خلال تربيتنا لأولادنا، ومرافقتهم، وسهرنا على نموّهم الروحي والاجتماعي. كما يتجلّى في عملنا، ورسالتنا الرعويّة، وعلاقاتنا مع الآخرين.
-هل هناك مواقف معيّنة شعرتما فيها بتدخُّل الله أو توجيهه؟
تدخّل الله في مواقف كثيرة في حياتنا، ولم يكن ذلك خارجًا عن حرّيتنا أو إرادتنا. فنحن نشعر بأنّ الله يتدخّل لنكون فاعلين في حقله، بخاصةً في رعيّتنا، السيّدة في الحدث، وفي جماعة بيت العناية الإلهيّة التي ننتمي إليها. ولمسنا تدخُّل الله في قراراتٍ عدّة تتعلّق بعائلتنا نتيجة الصلاة والتواصل معه. نسأله التدخّل في أمور حياتنا من خلال سماع كلمته في الكتاب المقدّس، فثقتنا به لا حدود لها.
يسوع حاضر دائمًا في عائلتنا، وهو من يباركها ويسهّل كلّ أعمالنا.
-كيف تساعدكما الصلاة على الشعور بقرب الله؟
الصلاة الحقيقيّة تُرفَع حين نفتح قلوبنا بصدقٍ لكلمة الله وندعه يعمل في حياتنا. فنحن نكلّمه بثقة الأبناء، وندع السلام يغمر قلوبنا. صلاتنا مسؤوليّة نحمل من خلالها الآخر ونضعه بين يدَي الربّ.
والصلاة هي وسيلة التواصل المباشر بين قلبنا وقلب الله.

-كيف تعاملتما مع التحدّيات أو الأوقات الصعبة من منظور إيماني؟
أن نكون مؤمنين يعني أن نكون واقعيين. فنحن ندرك أن الصعوبات والتحدّيات لا مفرّ منها في حياتنا اليوميّة. القناعة والحكمة والتعلّم من الخبرات السابقة علّمتنا كيف نتخطّى الكثير من الصعوبات مع المسيح ومن خلال تسليم حياتنا للمشيئة الإلهيّة. هذه العوامل سمحت لنا بأن نتعامل مع التحدّيات على أنّها فرص تعزّز نموّنا الروحي وتساعدنا في خلق توازن بين إيماننا، ورجائنا، وحبّنا لبعضنا البعض. إيماننا يجعلنا ندرك أنّنا لسنا متروكين وحدنا في مواجهة الصعوبات التي تفرضها علينا الحياة، فالله يرافقنا دائمًا، حتى مع الصليب الذي نحمله.
-ما الآية التي تلهمكما وتذكّركما بحضور الله في الأوقات الصعبة؟
الآية التي أحبّها جدًّا، تقول كوزيت، هي ما ورد في رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل فيليبي: «أستطيع كلّ شيءٍ في المسيح الذي يقوّيني» (في 4: 13)، فهذه القوّة اختبارٌ لحياتنا الروحيّة ولإيماننا، وتمدّني بالقوّة.
أما الآية المفضّلة عند إيلي فهي: «إن كان الله معنا، فمن علينا» (رو 8: 31).
-بمَ تقومان معًا لتقوية علاقتكما بالله؟
ممارسة سرّ الاعتراف، والمحافظة على إصغائنا لصوت الله على الرغم من ضجيج العالم، وصلاة يوميّة، كلّها نقوم بها معًا لتقوية علاقتنا بالربّ وببعضنا البعض. كما أنّنا نحفظ يوم الربّ ونقدّسه مع أولادنا، ونشارك في نشاطات رعيّتنا. ونحن ملتزمون بجماعتنا، ونحرص على المشاركة في الرياضات الروحيّة وأعمال الخدمة والرحمة.

-كيف تشعران بأنّ الله يبارك علاقتكما؟ وكيف تنقلان حضوره إلى أولادكما؟
بمجرّد استمرار وعدنا لبعضنا البعض لمدّة خمس وعشرين سنة، نشعر بأنّ علاقتنا مباركة من الله. حبّنا الذي لم يتراجع مع مرور الأيّام بل تزايد، هو دليل على مباركة الربّ لنا. كما أنّ وجود أولادنا في حياتنا هو من أكبر النِعَم التي وهبها الله لنا.
ننقل حضور الربّ إليهم من خلال احترامنا المتبادل، وإظهار الحبّ والتقدير لهم، والإصغاء إلى مشكلاتهم ومتابعة همومهم. والأهمّ من ذلك، نغرس فيهم القيم والمبادئ التي نؤمن بها، ونُظهر لهم قوّة الثبات عليها، على الرغم من صعوبة الحياة، ليشعروا بأنّ الله هو مصدر القوّة في حياتهم.
-كيف يمكنكما دعم بعضكما في رحلتكما الإيمانيّة؟
ندعم بعضنا البعض من خلال الثقة المتبادلة والمحبّة الصادقة التي تخلو من الغايات والمصالح. كما نساند أحدنا الآخر في كلّ الظروف، ونعمل معًا ليكون كلامنا واحدًا، وأهدافنا مشتركة، فنكون سندًا روحيًّا ومعنويًّا لبعضنا البعض.
-كيف تجسّدان علاقتكما مع الربّ من خلال العمل والخدمة الإنسانيّة؟
نجسّد علاقتنا مع الربّ عندما نرى وجه يسوع المسيح في كلّ إنسان نلتقي به، ونعامله بمحبّة بعيدة من التفرقة أو التمييز. كما نسعى إلى العطاء المجاني من دون حساب للوقت أو انتظار أيّ مقابل.
في هذا السياق، يضيف إيلي: «نجسّد علاقتنا مع الربّ من خلال محبّتنا للآخرين، وتقبّلهم كما هم، بخاصة المحتاجين إلى دعم نفسي، وروحي، ومعنوي، وحتى مادي. فكلّ فعل محبّة هو انعكاس لحبّ الله في حياتنا».
-ما النِعَم التي تشعران بأنّ الله منحكما إيّاها؟ وكيف تشكرانه عليها؟
نِعَم الربّ كثيرة، ونشكره عليها كلّها، بدءًا من أولادنا، والمحبّة والغيرة على بيتنا، والالتزام كأبناء للربّ في رعيّتنا وعائلتنا ومع أصدقائنا. كما نشكره على المرشدين الروحيين الذين وضعهم الربّ في طريقنا ليساعدونا في مسيرتنا الإيمانيّة.
نشكر الله على كلّ هذه النِعَم من خلال الامتنان له، والثقة بمشيئته، والالتزام بكلمته في الكتاب المقدّس. كما نعبّر عن شكرنا من خلال تنمية الوزنات التي اؤتمنّا عليها، ومشاركة السلام الداخلي الذي يفيض به في قلوبنا مع الآخرين.