غيتا مارون
يشهد تاريخ الكنيسة وسير حياة القديسين على معجزات وشفاءات لا تُحصى تمّت بشفاعة أمّنا مريم العذراء.
وإذا ما قرأنا الأحداث تحت مجهر الإيمان، وربطنا الاختبارات التي عاشها القديسون، يتبيّن لنا عمل الله الخلاصي في حياة أبنائه، وحضور مريم العذراء إلى جانبهم، ولا سيّما الأشخاص الذين اتّخذوها أمًّا لهم.
13 أيّار 1883… ابتسامة العذراء تشفي تريزيا الطفل يسوع
روت القديسة تريزيا الطفل يسوع اختبارها الرائع ونيلها نعمة الشفاء من المرض الذي أصابها في طفولتها، في 13 أيّار 1883 (عيد العنصرة)، كاتبة: “حين لم تجد تريز الصغيرة المسكينة عونًا لها على الأرض، التفتت إلى أمّها السماويّة، والتمست منها من كل قلبها أن ترأف بها… وفجأة، ظهرت لي العذراء القديسة جميلة، حتى إنني لم أكن قد رأيت أبدًا جمالًا مماثلًا، وكان وجهها يتدفّق عذوبة وحنانًا لا يوصف… إلا أن ما خرق أعماق نفسي كانت ابتسامة العذراء القديسة الخلابة، فتلاشت، عندها، جميع غمومي، وسالت دمعتان كبيرتان من مقلتيّ، وتدحرجتا بصمت على وجهي. لقد كانتا دمعتي فرح لا تشوبه شائبة…
فقلتُ في نفسي: آه، إن العذراء قد ابتسمت لي، فكم أنا سعيدة!… أجل! لكنني لن أبوح لأحد بذلك أبدًا، مخافة أن أفقد سعادتي. من دون أي جهد، أخفضت نظري، فرأيت ماري وهي ترنو إليّ بحبّ. وكانت تبدو متأثّرة، وكأنها تدرك النعمة التي منحتها لي العذراء القديسة… آه! إنني مدينة لها ولصلواتها المؤثّرة بنعمة ابتسامة ملكة السماء. وحينما رأتني أحدّق في العذراء القديسة، قالت في نفسها: “لقد شُفيت تريز!”
13 أيّار 1917… العذراء تظهر في فاطيما
اختارت مريم العذراء تاريخ 13 أيّار 1917 لتظهر لثلاثة رعاة صغار هم لوسيا وفرانسيسكو وجاسينتا، ودعتهم إلى الصلاة، وأودعتهم رسالة مهمّة عبر الأسرار التي منحتهم إيّاها.
13 أيّار 1981… العذراء تنقذ البابا يوحنا بولس الثاني
في الذكرى السنويّة لظهورات العذراء في فاطيما، في 13 أيّار 1981، كان البابا يوحنا بولس الثاني يجول على حشود من المؤمنين في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، فأطلق التركي محمد علي آغا -خبير في الرماية وعضو في “جماعة الذئاب الرمادية الفاشية”- النار على البابا الذي نُقل إلى المستشفى على الفور. وتمّ القبض على آغا إثر قيامه بالعمليّة، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
بعد يومين من ذكرى ميلاد يسوع المسيح في العام 1983، زار البابا يوحنا بولس الثاني آغا في السجن، وتكلّم معه على انفراد لمدّة عشرين دقيقة، مؤكدًا أنه غفر له، وقائلًا: “نلتقي اليوم كبشر أو بالأحرى كإخوة”. وعند مصافحته، طرح آغا السؤال الذي أثّر في البابا: “أعرف أنني أصبت الهدف كما كان عليّ أن أفعل، وأعرف أيضًا أن الرصاصة كانت مدمّرة وقاتلة، لكن لماذا لم تمت؟” فأجابه البابا: “يدك أطلقت النار، إنما هناك يدٌ أخرى وجّهت الرصاصة”. حينئذٍ، أردف آغا قائلًا: “كتبوا أن فاطمة قامت بهذا الأمر. ولكن ما معنى ذلك؟ فاطمة ابنة محمد!” فأجابه البابا: “إنه أيضًا اسم المكان حيث ظهرت العذراء لثلاثة رعاة صغار”. ردّ آغا: “هذا يعني أنها قويّة! قد تقتلني عند خروجي من هنا!” فأردف البابا مبتسمًا: “لا! لا! إنها امرأة طيّبة، وقد تساعدك في الواقع في حياتك!”
كان البابا يوحنا بولس الثاني مؤمنًا بأنّ تدخّل العذراء أنقذ حياته، فقصد فاطيما 3 مرّات (في الأعوام 1982 و1991 و2000)، وقدّم الرصاصة التي أصابته إلى مزار فاطيما، حيث وُضِعت في التاج الذي يعلو تمثال العذراء.
لعلّ قراءة هذه الأحداث اليوم تعلّمنا أن نختار مريم العذراء أمًّا وشفيعة تقودنا إلى قلب ابنها حتى اللحظات الأخيرة من حياتنا.