غيتا مارون
تانيا مخّول صليبا، مسيحيّة ملتزمة، منتجة، وممثّلة، ومذيعة، ومغنّية، ومرنّمة، اختارت العمل في حقل الربّ، من خلال مشاركتها في الأعمال الدراميّة الدينيّة لأنها قرّرت أن تخدم يسوع أينما تكون، تخبر “قلم غار” عن مسيرة نابضة بالحبّ الإلهي، واكتشافها دعوتها بعد الصراع بين الحياة المكرّسة والحياة العلمانيّة.
الاتحاد بالربّ يسوع جذب قلبي
“ترعرعت في السعوديّة حيث لا كنائس، ومرّت 10 سنوات من طفولتي من دون مرافقة روحيّة أو نَيْلي سرّ الإفخارستيّا، ولطالما شعرتُ بالحاجة الشديدة إلى الاتحاد بالربّ يسوع في سرّ القربان المقدّس، لأنني لمست في أعماقي أن أمرًا جوهريًّا ينقصني، على الرغم من أن أمّي كانت إلى جانبي دائمًا: علّمتني الأبانا والسلام وقانون الإيمان، واهتمّت بغذائي الروحيّ عبر سردها قصّة قديس أسبوعيًّا”، تخبر تانيا.
“ونشأت علاقة صداقة مع القديس الذي كانت أمّي تسرد لي قصّته، ورغبت في أن أعيش اختبارات مماثلة لتلك التي عاشها القديسون، وتُرجمت رغبتي على أرض الواقع من خلال اختبارات مميّزة مع كل قديس، عبر أحداث أو إشارات معيّنة”.
الربّ دعاني منذ نعومة أظفاري
وتقول تانيا: “كان الربّ دائم الحضور إلى جانبي سواء عن طريق القديسين أم الأشخاص الذين التقيتهم أم الصلوات أم الاختبارات الحياتيّة اليوميّة.
لم أكن أرغب إلا في أن أعكس وجه يسوع، ما جعل العقبات تُذلّل أمامي على الرغم من الصعوبات التي واجهتها في مجال التمثيل…
عندما عادت عائلتي إلى لبنان، تعرّضت للتنمّر بسبب اهتمامي الشديد بالروحانيّات وملازمة الكنيسة…
منذ نعومة أظفاري، شعرت بأن السماء تجذبني، ورغبت في اكتشاف دعوتي، وسبب تعطّشي الدائم إلى تكريس حياتي للربّ يسوع.
وحاولت التوجّه إلى إحدى الرهبانيّات لاختبار دعوتي الحقيقيّة في الحياة، لكنني عدت عن قراري، ولم أشارك في اختبار الدعوة بسبب معارضة أهلي، وكنت على يقين، حينذاك، بأن الله سيدعوني مجدّدًا إذا ما كانت دعوتي الحياة المكرّسة”.
نعم، لقد وجدتُ دعوتي!
وتتابع تانيا: “بعدما أصبحت شابة، بقي ذلك الصوت السماويّ يسكن أعماقي ويناديني: هلمّي يا جميلتي!… فاتّخذتُ قراري: اختبار الحياة المكرّسة!
وقلتُ في نفسي: إذا لم أكن مدعوّة لأصبح راهبة، فسيكون ربحي عيش اختبار روحيّ رائع…
اخترت دير مار يوسف-جربتا حيث عشت اختبارًا فريدًا: اكتشفت أن الصليب الذي سأحمله في الدير أقلّ ثقلًا من صليبي خارجه، وربما إذا ما تركت أهلي، كأنني أتهرّب من مسؤولياتي التي تقدّسني معهم، واكتشفتُ أيضًا أنني أحبّ الحياة الديريّة لكنني أحبّ الحياة العلمانيّة ومساعدة الناس وعيش رسالة تقدّسني والآخرين في الوقت عينه خارج الدير.
جذبتني حياة القديسة جيانا بيريتا مولا، الطبيبة والأمّ والزوجة، وحياة القديسة ريتا لأنها اختبرت أسرار الكنيسة السبعة، وحلمت بحياة مماثلة…
نعم، لقد وجدتُ دعوتي! أرغب في أن أحيا كالقديسة جيانا أو القديسة ريتا، وأريد أن “أعوّض” القداسة مرّتين: أحلم بأن يكون أولادي قديسين، وأنجب راهبات ورهبانًا وكاهنًا وعلمانيين”…
… وتكلّل حبّنا بالزواج
وتضيف تانيا: “بعد خروجي من الدير، اكتشفت أن دعوتي عيش الحياة العلمانيّة، وتأسيس عائلة مسيحيّة، وإنجاب الأولاد، وأحببت رامي، فرغبتُ في أن يكون والد أطفالي، ولا سيّما أنه يتمتّع بصفات القداسة التي لطالما بحثت عنها، وجمعنا الحبّ الذي تكلّل بالزواج، وهديّة العائلة المقدّسة ابنتنا ريبيكا”.
هذا ما اختبرته مع القديسة رفقا…
وتخبر تانيا: “شاركت في العديد من الأعمال الدراميّة الدينيّة، مثل دور مريم العذراء، ومريم المجدليّة، والقديسة رفقا.
بعد خروجي من دير مار يوسف-جربتا، قرّرت عدم العودة إليه إلا بعد إحضار هديّة للراهبات، فكان فيلم “رفقة الأرض والسما” الذي لعبت فيه دور القديسة رفقا.
كم كانت مباركة تلك اللحظات التي عشتها في خلال التصوير! كنت الممثّلة الأولى التي تمكّنت من التمثيل في غرفة رفقا، ونمت على سريرها… وجدوني غارقة في سبات عميق، وشديدة الشبه بالقديسة رفقا، كأنها رسمت نفسها من خلال شكلي في الدراما، وأخبرني فريق الانتاج، بعدما تعطّلت إحدى الكاميرات، بأنني قلت إثر دعوتي إلى ترك الغرفة: أريد أن أبقى هنا لأن رفقا ستكلّمني، ولم أكن أعي أنني قلت شيئًا”…
القداسة حلمي
وتقول تانيا: “أحلم بمشاركة يسوع في مشروعه الخلاصيّ، ولا سيّما في جذب الأشخاص البعيدين عنه، كالملحدين ومثلييّ الجنس، عندئذٍ، يتحوّل عملي إلى صلاة نابعة من القلب…
اختبرت أنني إذا كنت أريد القداسة، عليّ تقبّل كل الأمور التي تحصل في حياتي، والله يعرف أعماقي، فعندما أتألم كثيرًا، يحمل معي أثقالي كما أحمل معه… عندما أزرع الفرح في قلوب الآخرين، أشعر بالسعادة تملأ قلبي، وعندما أخفّف من آلامهم، أحسّ بالراحة.
الربّ حاضر إلى جانبي دومًا. أراه في الأشخاص الذين يعكسون وجهه، وفي قديسيه؛ يعطينا صليبًا على قدر طاقة تحمّلنا، ويهبّ إلى نجدتنا عندما نصبح غير قادرين على التحمّل، فينتشلنا.
يسوع حاضر في الصعوبات دائمًا؛ يترك لنا الحريّة ويتدخّل في الوقت المناسب، ويختار الطريقة الفضلى كي يرفع النفوس المُتعبة إليه”.
أحمده على حضوره في حياتي
وترفع تانيا الشكر إلى الربّ قائلة: “أحمد الله لأنه حاضر في حياتي، وأعرفه…
وأجدّد شكري له لأنني مسيحيّة، وما زلت معه، وأثق بأنه لن يتركني أبدًا، وأطلب منه أن يهبني نعمة الحفاظ على إيماني والتزامي، راجيةً أن يكون أولادي على صورته ومثاله”.