الأب بيار نجم
لقد وُضعت على قبر المسيح صخرةٌ كبيرة، وكم من صخور تحجب بصيص الأمل عن قلوبنا؟ كم هي ثقيلة صخور مشاكلنا وأمراضنا! نرزح تحتها ونقول: “ها هي النهاية، وما من خلاص”.
لقد سدّت الصخرة باب القبر، تحاول التهام الحيّ والمحيي، فكان كخميرة يزرع الحياة في عالم الموت. حاول القساة إخماد نور المسيح، كما يُخمد منطقُ العالم كل بصيص رجاء في قلوبنا، يضعنا في قبرٍ مظلم، يقيّدنا برغبات وأهواء وأحقاد تشدّنا إلى منطق الظلام واليأس، منطق القبر والموت، وتحجب عن فكرنا حقيقة الحياة ومعناها الحقّ.
هل يبقى عالمنا في ظلمة قبره؟ هل يبقى المظلوم مظلومًا، والجنين مجهضًا، والعجوز لا قيمة له؟ هل يبقى الفقير عالة والمتألّم ثقلًا علينا؟ هل نُبقي إخوة لنا وأخوات في ظلام قبر حياتهم، نسدّ قبرهم بصخرة أنانيّتنا وعدم مبالاتنا، ندفنهم في عدم اكتراثنا لئلا يزعجنا صراخُهم؟
موت المسيح دعوة لنا للتفتيش عن قيمة الحياة وإعلان ثقافة الحبّ والتخلّي عن منطق العنف؛ فالعنف قتل المسيح البريء على الجلجلة ويقتل ملايين الأبرياء على جلجلات عالم اليوم، فهل نكمل السير وكأنّ شيئًا لم يكن؟ هل نترك المسيح يموت مجدّدًا كل يوم؟ هل نغسل أيدينا من دماء أبرار هذا العالم وأبريائه؟ هل نبيع المسيح بثلاثين فضّة إهمالنا؟ هل نكون مثل مَنْ أعمى الحقد قلوبَهم فصرخوا: “ارفعه، ارفعه عنّا”، فهو كثير التطلّب وصعب الاتّباع؟ هل نقتل المسيح مجدّدًا إذا جاء اليوم إلى حياتنا؟