باسمة بو سرحال
عشتُ حياة الزهد والتقشف والتأمّل، ولم يكن هدفي إلا إرضاء ربّي. أنا الراهب السرياني الناسك وأبو الموارنة. أنا مار مارون، وهذه قصّتي مع الكنيسة.
———————————————————-
التاسع من شباط تاريخٌ عابق بالقداسة في الكنيسة المارونيّة التي تحتفل بتذكار راعيها في هذا اليوم. إنّه مار مارون الذي وُلِدَ حوالى 350 في سوريا، وترعرع في شمالها قرب جبال طوروس أو ما كان يُعرف سابقًا بمنطقة قورش المجاورة لأنطاكية حيث عاش طوال حياته راهبًا وناسكًا مرتديًا لباسًا خشنًا.
ترك أمجاد الأرض، وارتفعت نظراته دومًا صوب العلى، حيث لا نفاق ولا شرّ بل نقاء وطهارة وسلام أزلي.
أمضى معظم وقته في الصلاة والصوم، وأروع مكان له قمّة جبل عالٍ. فكانت السماء غطاءه والأرض وسادته، من دون الاكتراث بغضب الطبيعة… في بعض الأحيان، كان يلجأ إلى الخيمة المتواضعة التي صنعها من جلد الماعز.
ذاع صيت «السيّد»، كما يعني اسمه في اللغة السريانيّة، بين المؤمنين، ووصل إلى حدود الإمبراطوريّة البيزنطيّة التي كانت تسيطر آنذاك على الشرق كلّه. فقصده الناس من كل حدب وصوب، بعدما أنعم الله عليه بشفاء أمراض الجسد والنفس وطرد الشياطين. ومشى كثيرون على خطاه، وبات عدد الرهبان يزداد يومًا بعد يوم. فأسكنهم في البداية في مناسك وصوامع، كما جرت العادة في ذلك الزمان، قبل أن يبني الأديرة وينطلق في التبشير بيسوع المسيح.
انتقل مار مارون الى أحضان الآب السماوي حوالى عام 410، تاركًا وراءه آلاف المؤمنين الذين ساروا وفق تعاليمه، وإرثًا مسيحيًّا مفعمًا بالإيمان الحق.
بعد وفاته، نشب خلاف بين أبناء المناطق المجاورة على الاستئثار بجثمانه بهدف تكريمه، وفازت قرية براد في الشمال السوري باحتضانه.
تحتفل الكنيسة المارونيّة بتذكار القديس مارون في التاسع من شباط من كل عام. وهو لم يكن يومًا حكرًا على الموارنة، بل ذُكِرَ اسمه لدى طائفة الروم الأرثوذكس ضمن لائحة قدّيسيها.
———————————————————-
أيها القديس مارون، أنتَ الذي تحلّيتَ بفضائل جمّة، زد إيماننا بكنيستنا، واملأ قلوبنا من فيض رحمتك، وتشفّع لنا لدى يسوع وأمّه مريم كي نستحق الدخول إلى الملكوت.