القديسة فوستين
إلهي، أتوق إلى أن تتعرّف إليك النفوس وأن ترى أنّك خلقتها من فيض محبّتك التي لا تُدرك. يا خالقي وسيّدي، أشعر كأنني سأزيح ستار السماء كي يتبدّد شكّ الأرض في جودتك.
إلهي، لا أبحث عن سعادة خارج قلبي حيث تُقيم. أبتهج بسُكناك في داخلي؛ هنا أسكن معك إلى الأبد. هنا تكمن كل مودّتي. هنا أقيم معكَ بأمان. هذا هو المكان الذي لا تراقبه عين بشريّة. تشجّعني العذراء المباركة على أن أتواصل معك بهذا الأسلوب.
إلهي، أريد أن أحبّك بحبّ لم تظهره لك نفس بشريّة من قبل. ورغم أنّني كلّيّة الحقارة وصغيرة، أطرح مرساة ثقتي في عمق لجّة رحمتك يا إلهي وخالقي! رغم حقارتي الكبيرة لا أخشى شيئًا بل آمل أن أرنّم لك أنشودة المجد إلى الأبد.
يا يسوعي، تغلغل في أعماقي حتى أستطيع أن أعكسك في كل حياتي. قدّسني كي تكون لأعمالي قيمة فائقة الطبيعة. امنحني أن أحبّ كل نفس على السواء، وأشفق عليها، وأرأف بها. آه، يا يسوعي، يعكس كل قديس إحدى فضائلك. أريد أن أعكس قلبك الرؤوف المليء رحمة! أريد أن أمجّده. يا يسوع، أطبع صورتك في قلبي ونفسي، فيصبح هذا الطابع ميزتي في هذه الحياة وفي الحياة الأبديّة.
يا إلهي، إنّني أدرك رسالتي في الكنيسة المقدّسة. إنّ سعيي المتواصل هو أن أطلب الرحمة من أجل العالم. أوطّد اتّحادي بيسوع، وأقف أمامه كذبيحة تكفير عن العالم. لا يرفض لي الله شيئًا عندما أتضرّع إليه بصوت ابنه. إنّ ذبيحتي هي لا شيء بحدّ ذاتها، ولكن عندما أضمّها إلى ذبيحة يسوع المسيح تصير كلّيّة القوّة، وتتّخذ قوّة تهدئة الغضب الإلهي.
يا يسوع، إنّني أسعى إلى القداسة لأنّني بذلك سأكون مفيدة للكنيسة. أثابر في الاجتهاد لممارسة الفضيلة. أحاول أن أتبع يسوع بأمانة، وأستودع كل هذه الفضائل اليوميّة المتتالية، الخفيّة، الصامتة، التي تكاد لا تُدرك، ولكنها متمَّمَة بحبّ كبير، في كنز كنيسة الله للمنفعة العامّة للنفوس. أشعر في داخلي وكأنني مسؤولة عن النفوس. أعرف جيّدًا أنّني لا أعيش لذاتي وحدي، بل للكنيسة جمعاء.
يا يسوع، هناك سرّ في حياتي، وهو أقرب الأسرار وأعزّها إلى قلبي: هو أنت بالذات عندما تأتي إلى قلبي تحت شكل الخبز؛ هنا يكمن كل سرّ قداستي. هنا يتّحد قلبي بقلبك ليؤلّفا قلبًا واحدًا. ليس هنا من أسرار لأنّ كل ما هو لكَ هو لي أيضًا، وكل ما هو لي هو لك. تلك هي كلّيّة قدرة رحمتك. يعود الفضل في كل ما عندي من صلاح إلى المناولة المقدّسة. إنّني مدينة لها بكل شيء. أشعر بأن هذه النار المقدّسة حوّلتني تمامًا. آه! كم أنا سعيدة بأن أكون مقرّ إقامتك، يا سيّد، إنّ قلبي هو هيكل تسكن فيه دائمًا!