ماري حنّا
مشمش، بلدة الشمامسة وخدّام الله التي تستحمّ تحت أشعّة شمسه المشرقة، وتلبس في الشتاء ثوب ثلجه الأبيض. أنعم الربّ عليها بطبيعة خلّابة تبهر النظر بجمالها وسحر ألوانها حيث يمتزج أخضر الطبيعة بعطر أزهار الربيع ودفء شمس الصيف لتغدو مقصدًا يتهافت إليه المصطافون من كل حدبٍ وصوب لقضاء أيّام عطلتهم في جوٍّ من الأمان والطمأنينة والهناء والسلام الذي تستمدّه كونها جارة القديس شربل في عنّايا وتنعم بحمايته.
موقع مشمش
تقع بلدة مشمش في محافظة جبل لبنان-قضاء جبيل. ترتفع عن سطح البحر كمعدّل وسطي حوالى 1250 مترًا، وتبلغ مساحتها حوالى 1375 هكتارًا.
يحدّها شمالًا: لحفد، غربًا: هابيل ورشكُل، جنوبًا: عنّايا وإهمج، شرقًا: اللقلوق.
تسمية مشمش
كثرت الأسئلة حول أصل تسمية مشمش، كما كثرت الإجابات عنها، وبحسب أجدادنا، فإنّ أصل التسمية هو «مشمس»، وقد تمّ تحريفه مع الوقت لثقل لفظه، وأصبحت تُعرف بـ«مشمش».
ويردّ بعض الباحثين في هذا المجال الاسم إلى اللغات الساميّة القديمة، ففي كتابه «اعرف لبنان»، يأتي عفيف مرهج على ذكر هذا الموضوع، فيقول إنّ الاسم يعني أنّها معرّضة للشمس، وبات يُلفظ بصيغته الحاليّة بعد التحريف الذي لحقه مع الأيّام. أمّا لفظة Mshammshâné السريانيّة، فتعني شمامسة وخدّام الكنيسة.
إذًا، لا علاقة لشجر المشمش بتسميتها كما يعتقد البعض، فارتفاع البلدة عن سطح البحر لا يناسب أشجار المشمش كثيرًا، كما أن وجود بعض أشجار المشمش فيها لا يزيد عن وجوده في سواها من القرى.
وفي مناطق البلدة أسماء ساميّة أخرى، منها: «رُجْكُل»، وتُكتب أحيانًا رشكل، وأصل الاسم من مقطعين سريانيين: Rish Kul: أي رأس الكلّ، أو المقدّم؛ و«تل بيتا» من السريانيّة وتعني تلّ البيت، و«رام» معناها رأس الجبل، وسواها من الأسماء…
آثار البلدة
مشمش بلدة قديمة، يعود تاريخها إلى ما قبل الرومان، وهذا ما تدلّ عليه الآثار التي وُجدت فيها.
من آثار البلدة بقايا أبنية قديمة وأعمدة أثريّة ومدافن محفورة في الصخر في «الرام وخرايب فرشع وأرميش».
خرايب فرشع: بقايا أبنية قديمة وأعمدة أثريّة ومدافن منقوشة في الصخر.
خرايب أرميش: بقايا أبنية وأعمدة قديمة العهد.
وهناك أطلال وصخور فيها قبور وعليها نقوش وكتابات قديمة؛ وتحدّث باحثون عن آثار في محلّة الرويس منها أبنية قديمة تحتوي على خمس كنائس كلّها خربة، وحجارتها من النوع السكري.
كما وجد الباحثون كتابات رومانيّة تمنع قطع الأشجار.
وعرفت تسمية فرشع بين أهل القرية على أن الكفر شاع في معابدها الوثنيّة في الأزمنة القديمة، فحافظت خرائبها على تسميتها.
وهناك مغارة في فرشع تُعرف بمغارة القديسة تقلا، اختبأ فيها البطل يوسف بك كرم في أثناء معارك عاميّة لحفد. والمعروف أن مشمش لاقت البطل اللبناني ورافقه أهلها إلى جهة دير مار مارون في عنايا، وتطوّع رجل من بينهم في جيشه.
أما الكنائس القديمة العهد وعددها 7، فلم يبقَ منها إلا الآثار الداثرة.