كلود حداد
أبصرت مريم بواردي النور في 5 كانون الثاني 1846 في إحدى قرى الجليل بعدما استجاب الربّ دعاء أهلها في خلال زيارتهم بيت لحم إذ كانوا قد فقدوا 12 رضيعًا. لكن مريم ما لبثت أن تيتّمت في الثالثة من عمرها، فقام عمّها برعايتها.
سافرت مع بيت عمّها إلى مصر بعد مناولتها الأولى، وما إن أصبحت في الثانية عشرة حتى أصرّ عمّها على تزويجها، فرفضت لأنها كانت تحلم بتقديم ذاتها لله. بعد سوء معاملتها ومعاناتها، لجأت مريم إلى أحد الخدم، طالبةً منه المساعدة، لكنه اشترط عليها أن تعتنق الإسلام، فرفضت شرطه. عندئذٍ، قام الرجل بطعنها، وتركها تنزف حتى الموت.
استفاقت مريم في مغارةٍ حيث قامت امرأة بالاعتناء بها لثلاثة أسابيع. وعند شفائها، تركتها في كنيسة. قالت مريم إنها كانت العذراء، أمّ يسوع.
لكي تكسب لقمة عيشها، عملت مريم خادمة في بيوت ومدن عدّة حتى وصل بها الأمر إلى أن تنتقل من بيروت إلى مدينة مرسيليا الفرنسيّة. هناك تعرّفت إلى راهبات مار يوسف الظهور، وأمضت معهنّ سنتَي الابتداء بفرح لا يوصف لأنها حقّقت رغبتها بوَهْبِ نفسها ليسوع. فظهرت على جسدها جراحات المسيح، وحظيت بنِعَمٍ جمّة، لكن الرهبنة رفضت أن تكمل معها، فانتقلت إلى الكرمل في مدينة بو الفرنسيّة.
في الكرمل، أُطلق عليها اسم مريم ليسوع المصلوب، فعرفت أيضًا حالات انخطاف وأُعطيت نعمة النبوءة. وعلى الرغم من اعتداءات الشيطان عليها، كانت تسمّي نفسها «العدم الصغير»، هي التي وجدت سعادتها في رحمة الله. وقيل إن هذه الفتاة الأمّية نطقت بأجمل الأشعار للربّ في خلال انخطافاتها.
ساهمت مريم ليسوع المصلوب بإنشاء دير الكرمل في بيت لحم والناصرة حيث اشترت بفضل إحدى النساء موقع عمّاوس. عملت كثيرًا في حياتها القصيرة، وما كانت تعرف التعب حتى وقعت ذات يومٍ في بيت لحم وكسرت ذراعها، فانتشرت الغرغرينا في جسدها، وماتت عن عمرٍ يناهز 32 عامًا.
أعلنها البابا يوحنا بولس الثاني طوباويّة في العام 1983، ورُفعت إلى مصافِ القديسين في العام 2015 بعد شفاءات عدّة، أهمّها شفاء الطفل إيمانويلي لو زيتو.