غيتا مارون
مديوغوريه… إنها واحة للسلام والاهتداء.
كثيرون ممن زاروها قالوا إنهم اختبروا لمسات أمّنا مريم، وحنانها اللامتناهي ونظرتها الأموميّة، وسلامًا تعجز الكلمات عن وصفه…
مديوغوريه وبدء الظهورات
تقع مديوغوريه في البوسنة والهرسك، والاسم من أصل سلافيّ، ويعني منطقة بين جبلَيْن.
في 24 حزيران 1981، ظهرت مريم العذراء لستة أولاد، هم إيفانكا إيفانكوفيش، وميريانا دراجيسيفيش، وفيتسكا إيفانكوفيش، وإيفان دراجيسيفيش، وإيفان إيفانكوفيش وميلكا بافلوفيش على تلّة كرنيكا التي تقع على بعد مئات الأمتار فوق تلّة الظهورات، وسلّمتهم عشرة أسرار تتعلّق بمستقبل العالم.
وبعد الظهورات، تحوّلت مديوغوريه من قرية متواضعة إلى مكان يجمع الحجّاج من كل أقطار العالم، وباتت أحد أكبر مراكز الصلاة مثل لورد وفاطيما.
في العام 1982، خاطبت أمّنا مريم فتاتَيْن عبر كلام داخلي من القلب هما جيلينا وماريجانا فاسيلج، وأعطتهما رسائل تدعو إلى الصلاة والارتداد.
إذا زرْتَ مديوغوريه… إليك أبرز الأماكن التي يقصدها الحجّاج!
كنيسة الرعيّة، وتلّة الظهورات، وجبل الصليب، وتيهالينا جارة مديوغوريه، وسواها من المحطّات تُعدّ من أبرز الأماكن التي يقصدها الحجّاج…
تجمع كنيسة القديس يعقوب أبناء الرعيّة والزائرين للاحتفال بالأسرار المقدّسة والصلاة، بالقرب منها حوالى خمسة وعشرين كرسي اعتراف.
وفي العام 1987، وُضِع تمثال ملكة السلام المصنوع من الرخامla statue blanche في الساحة أمام الكنيسة، وأصبح رمزًا للمزار.
وتعلو تلّة الظهورات أو بودبردو -حيث قال الشهود إن مريم العذراء ظهرت هناك- قرية بيجاكوفيتشي.
وعلى الطريق الذي يقودنا نحو مكان الظهورات، شُيّدَ صليب خشبيّ كبير في إشارة إلى المكان الذي دعت فيه مريم العذراء إلى السلام للمرّة الأولى في اليوم الثالث من الظهورات من خلال “ماريا بافلوفيتش”.
واحتفالًا بالذكرى العشرين للظهورات، وُضِعَ تمثال لملكة السلام على التلّة، منحوتٌ بشكل مشابه للتمثال الموجود أمام كنيسة الرعيّة.
ووُضع الصليب الأزرق في العام 1985 عند سفح “تلّة الظهورات”.
أما جبل الصليب أو جبل كريزيفاك فهو جبل يبلغ علوّه 520 مترًا، وهو المكان الذي بنى فيه أبناء الرعيّة صليبًا من الإسمنت يبلغ طوله 8.56 مترًا، بُنِيَ في ذكرى مرور 1900 سنة على موت يسوع، ويحتوي على ذخائر من خشبة صليب المسيح أُرسلت من روما.
ويعتبره الحجّاج بمثابة دعوة للقاء يسوع في آلامه واكتشاف محبّته.
وفي الجهة الجنوبيّة الغربيّة من الكنيسة، وُضِعَ الشخص البرونزيّ للمخلّص المرتفع على الطريق الذي يقود نحو المقبرة، وسُمّي صليب القيامة resuscito.
وفي العام 2002، جُهّز مكان حول التمثال بمراحل درب الصليب للأفراد والمجموعات المُصلّية التي لا تستطيع تسلّق جبل الصليب.
كما تتميّز بلدة تيهالينا المجاورة لمديوغوريه بكنيسة تضمّ تمثالًا رائعًا لمريم العذراء، اعتبره الشهود الأكثر شبهًا بها، عندما طُلب منهم أن يصفوها، مؤكدين أنها تفوقه جمالًا.
الأسلحة الخمسة للتغلّب على الشرّ
يجب على المؤمن التسلّح بخمسة أسلحة للتغلّب على الشرّ وتأثيره في حياته، حسب رسائل العذراء في مديوغوريه، وهي الآتية: الصلاة، والصوم، وقراءة الإنجيل، والاعتراف، والإفخارستيا.
البابا يوحنا بولس الثاني: مديوغوريه كرسي اعتراف العالم
اعتبر البابا يوحنا بولس الثاني مديوغوريه المركز الروحي للعالم، وقال: لو لم أكن البابا لكنت الآن في مديوغوريه التي أصبحت كرسي اعتراف العالم.
ماذا يقول البابا فرنسيس عن ظهورات مديوغوريه؟
أكد البابا فرنسيس أن لا أحد يمكنه إنكار وجود النعمة في مديوغوريه، ولا سيّما أن كثيرين يعودون إلى الإيمان فيها، مشدّدًا على أهميّة التمييز بين الظهور والإيحاء الشخصي أو الإلهام الداخلي.
وفي العام 2017، أعرب البابا فرنسيس عن رأيه الشخصيّ في الظهورات، قائلًا: أفضّل العذراء مريم، أمّنا، وليس العذراء رئيسة مكتب البريد التي تبعث برسالة كل يوم في ساعة محدّدة… هذه ليست أمّ يسوع.
موقف الكنيسة من ظهورات مديوغوريه
أكد الأب جورج الخوري، كاهن رعيّة مار سمعان للروم الكاثوليك-دوما ومرشد روحي رافق المؤمنين في رحلات الحجّ إلى مديوغوريه، عبر “قلم غار” أن الكنيسة ما زالت تتّخذ موقف المراقب في ما يتعلّق بالظهورات، ما جعل البابا فرنسيس يعيّن رئيس الأساقفة البولندي هنريك هوزر زائرًا رسوليًّا خاصًّا لمتابعة الوضع الرعويّ عن كثب في مديوغوريه، والمشاركة في القداديس، ولقاء جماعات عديدة ومؤمنين وحجّاج كثيرين، وتنظيم محاضرات.
وأوضح أن الكنيسة تتأخر دائمًا لتتأكد من صحّة الظهورات بعد مرور الزمن على حصولها، وتدرس الأمور بتأنٍّ، تجنّبًا للوقوع في أيّ خطأ، وهي تتحلّى بالحكمة كي تكون قراراتها مبنيّة على أسس روحيّة صادقة وعلميّة لا شكّ فيها، مشيرًا إلى أن الرسائل التي أُعطيت في مديوغوريه تركّز على تعاليم الكنيسة: الاعتراف والإفخارستيا والتوبة والصلاة والصوم.
وشدّد الأب الخوري على أن العذراء أمينة، وتعطي رسائلها من خلال الكتاب المقدّس وتعاليم الكنيسة، لافتًا إلى أنها قالت في أحد ظهوراتها: إذا تزامن القداس مع الظهور، اختاروا القداس من دون تردّد، وإذا أردتم مباركة أغراضكم، فأنا أباركها ببركتي الأموميّة، لكن توجّهوا إلى الكاهن لأنه يعطيكم بركة يسوع المسيح.
وأكد أن أهمّ النعم التي يحصل عليها المؤمنون في مديوغوريه هي التوبة والاعتراف والعودة إلى السلوك في طريق المسيح.
“مديوغوريه هي مرجع للصلاة حيث يحصد المرء الثمار الروحيّة الاستثنائيّة، كالاهتداءات والدعوات الكهنوتيّة والرهبانيّة والاعترافات المتواصلة” على حدّ قول الزائر الرسولي الخاص في مديوغوريه هنريك هوزر الذي أعرب عن اعتقاده بعدم وجود أي أثر للبدع…
وتجدر الإشارة إلى أن الكنيسة ما زالت متريّثة، وتدرس بدقّة ملفّ الظهورات في مديوغوريه، والذي يُعتبر من أكثر القضايا المثيرة للجدل في الكنيسة الكاثوليكيّة، على الرغم من الارتدادات التي لا تُحصى بعد رحلات الحجّ إلى تلك القرية الصغيرة…
أضف إلى ذلك أن الإيمان الحقيقي لا يرتكز على مدى صحّة أي ظهور في العالم بل على كلمة الله وترجمتها في حياة المؤمن.