أسرة تحرير «قلم غار»
على الرغم من المشهد القاتم المسيطر على الساحة المحلّية، احتفل لبنان اليوم بقداس الشكر الثالث لإعلان البطريرك إسطفان الدويهي طوباويًّا، برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في باحة كنيسة السيّدة في مجدل المعوش-قضاء الشوف. وكرّس الراعي تمثالًا للطوباوي الجديد ليكون «مصدر نعم وبركات للذين يكرّمونه ويطلبون شفاعته»، بحسب قوله.
تناول الراعي في عظته علاقة الدويهي بمجدل المعوش حيث وجد راحته، شارحًا: «الطوباوي البطريرك مار إسطفان كان يتردّد إلى مجدل المعوش هربًا من مضايقات حكّام طرابلس في دير سيّدة قنّوبين، ومن الخلافات مع مشايخ كسروان في دير مار شليطا مقبس (غوسطا). وكان يجد الراحة من كل هذه المضايقات في بلدتكم المضيافة. فأنشأ كنيسة مار جرجس، وتفقّد بلدات الشوف راسمًا كهنة، بانيًا كنائس، واعظًا بسرّ المسيح وبكلام الحياة، منقّحًا المخطوطات وكاتبًا العديد ممّا ترك لنا من مخطوطات تاريخيّة ولاهوتيّة وأسراريّة وليتورجيّة».
وأضاف: «سنة 1603، زار البطريرك يوحنّا مخلوف مجدل المعوش، وأنشأ فيها كنيسة السيّدة التي ترمّمت. ثمّ سنة 1683 هرب الطوباوي البطريرك مار إسطفان الدويهي إليها، وبنى كنيسة مار جرجس التي رمّمتموها. وكان يزور مغارة مار إدنا، بين مجدل المعوش ووادي الستّ، بهدف الاختلاء. وكان يزوره المارّة للتبرّك. كان على علاقة ممتازة مع الحكّام الدروز. وهنا، بدأ بكتابه تاريخ الأزمنة».
وتحدّث البطريرك الماروني عن فضائل الدويهي وقبوله كلمة الله بعقله وإرادته وقلبه وحرصه على التأمّل في كلام الربّ الذي ولّد عنده الإيمان ورسّخه فيه بثبات الرجاء وجعله في قلبه حضارة محبّة.
كما تطرّق إلى الشأن السياسي، قائلًا: «يا ليت كل مسؤول عندنا يعود إلى كلام الله، يسمعه، يتأمّل فيه، يسلّطه على ذاته ومسلكه وأفعاله وتصرّفاته، فيجدّده ويحرّره وينعشه، مبدّلًا نظرته إلى الأمور. فيتساءل أمام وجدانه الوطني: ما معنى عدم انتخاب رئيس للجمهوريّة لكي تنتظم الحياة العامّة في الدولة؟ فيستعيد مجلس النواب سلطته التشريعيّة ومساءلة الحكومة ومناقشة أعمالها؟ وتستعيد الحكومة شرعيّتها وصلاحيّاتها الدستوريّة كاملة؟».
واستنتج: «لا تستقيم حياة الدولة من دون رئيس لها: فهو وحده “يحلف بالله العظيم أنّه يحترم دستور الأمّة اللبنانيّة وقوانينها، وأنّه يحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه” (المادة 50 من الدستور). وهو وفقًا للدستور “رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن ويسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه” (المادة 49). ألا نريد كل ذلك بالإحجام عن انتخاب رئيس للجمهوريّة؟».
وختم الراعي عظته، داعيًا المؤمنين للصلاة إلى الله كي يعطينا جميعًا نعمة الإصغاء لكلامه، فيعود كل واحد وواحدة منّا إلى صوت ضميره، صوت الله في أعماق كل إنسان.
عقب القداس الإلهي، أزاح الراعي الستار عن تمثال البطريرك الطوباوي مار إسطفان الدويهي في باحة كنيسة السيّدة في مجدل المعوش، وسط الزغاريد ونثر الورود.