غيتا مارون
أمسكت بيد حبيبها، فأزهرت حياتهما حبًّا صافيًا.
لم تأبه بأنّ شريكها فاقد البصر لأنّ «الحبّ قويّ كالموت»، فجعلها رفيق الروح «خاتمًا على قلبه» (نشيد الأناشيد 8: 6).
سلّما حياتهما للربّ، فباركها. وذلّلت العناية الإلهيّة كل العثرات.
ابتهلا لله، فأمطرت السماء نعمها على فؤاديهما، ووُلِدَ طفلهما الياس!
أدركا عمق المحبّة، فسكنا في قلبها!
إنّهما ريتا وغابي خليل اللذان يشاركان «قلم غار» مسيرة مفعمة بالحبّ الأُسَرِي والثقة المطلقة بالله.

لقاء قلبين متبصّرين
غابي خليل هو كفيف منذ ولادته، أستاذ موسيقى في المدرسة اللبنانيّة للضرير والأصمّ-بعبدا، ومجاز في الحقوق، وقد مُنِحَ وسامًا تكريميًّا في مهرجان «إضافة» العربي والدولي.
أمّا ريتا، فهي مبصرة، معلّمة تهتم بذوي الإعاقات المزدوجة في المدرسة عينها حيث يعمل غابي.
يخبر غابي عن لقائه بزوجته، قائلًا: «تعرّفت إلى ريتا، أروع امرأة في العالم، في المدرسة اللبنانيّة للضرير والأصمّ-بعبدا. أُغرمت بها، وأكملنا مسيرتنا معًا وتزوّجنا».
من جهتها، تجيب ريتا ردًّا على سؤال متعلّق بكيفيّة تخطّيها فكرة الارتباط برجل فاقد البصر: «لا أكترث لهذه النقطة لأنّ غابي يتقن القيام بكل الأشياء: الطهي، الاهتمام بصغيرنا (حمّامه، إلخ…)، تصليح الأعطال، والأمور اللوجستيّة…
غابي هو سندي… أعشق كل صفاته. هو يتعاطف معي دومًا».
ويستطرد غابي: «ريتا ليست امرأة تقليديّة. هي مؤمنة وتعيش معي في السراء والضراء، وهي حنون ورقيقة جدًّا. تشعر بي دائمًا في يوميّاتي إذا كنت مرتاحًا أو متعبًا… الحمد لله لأنّه أعطاني أكثر ممّا أستحق».

الله يبارك علاقة ريتا وغابي
يخبر الزوجان ريتا وغابي بفرحٍ عظيم عن حضور الله في علاقتهما وزواجهما الذي يكمل سنته السابعة في الشهر الحالي، فيقولان: «الربّ حاضر في حياتنا في كل عمل نقوم به. وهو بارك زواجنا وسهّل مسارنا على الصعد كافة».
تؤكد ريتا أنّ أهلها مدّوا يد العون لها وأحبّوا زوجها ودعموهما معًا، وأنّها لم تتعرّض للتنمّر في حين يعتبر غابي أنّ موقف والديها فريد لأنّ الأهل عادةً يرسمون في خيالهم صورة عريس يمتطي حصانًا أبيض، لافتًا إلى أنّه لم يقدّم لريتا أيّ إغراءات مادّية.
ويشدّد الزوجان على أنّ الربّ إلى جانبهما دائمًا، وأنّ حضوره يتجلّى في كل مراحل علاقتهما، ولا سيّما في أوقات الشدّة وتراجع المدخول.

الفرحة تكتمل بولادة الياس
يتابع غابي سرد قصّته مع ريتا، قائلًا: «زوجتي خسرت جنينَيْن لكننا لم نفقد الأمل بل كنّا نردّد: الله هو المعطي.
عندما حملت ريتا للمرّة الثالثة، طلبتُ منها أن تأخذ إجازة من عملها من أجل سلامة طفلنا المنتظر. وهذا ما حصل. وتمدّدت العطلة تزامنًا مع انتشار جائحة كورونا…».
وتصف ريتا لحظات ولادة الياس: «عندما وُلِدَ ابننا، كانت سعادتي لا توصف… وحمدت الله لأنّه أزال قلقي إذ اضطررت إلى الخضوع لعمليّة استئصال المرارة في الشهر الخامس من الحمل، وخفت من أن يتأثر الجنين بها لكنه لم يتأذَّ…».
بدوره، يصف غابي لحظات ولادة الياس، ضاحكًا: «عندما وُلِدَ ابني، سمعت صراخه، وقلت للممرّضة إنّ صوت طفلنا أجمل من صوت طفلة أخرى قربه. حملته الممرّضة إلينا، وسألت ريتا: هل أترك غابي يحمله؟ أجابتها ريتا: طبعًا، فهو والده!
ارتبكتُ قليلًا بحمله، لكنني اعتدت الاعتناء به في ما بعد. وقد بدأ يتحدّث باكرًا لأنّني لطالما تكلّمت معه منذ صغره».

الياس يسأل والده الكفيف
يخبر غابي عن سؤال يراود الياس: «سألني ابني مرات عدّة: لماذا أنتَ كفيف يا أبي؟ أجبته: هكذا خلقني الله. فإذا به يعبّر لي عن رغبته في أن أكون مبصرًا، ويفرح بأنّه يرافقني حيثما أذهب… وهو أحيانًا ينفخ في عينيَّ، قائلًا: «أنا أنفخ في عينيك لِتُشفى من الألم يا بابا!».

فعل شكر دائم
يختم الزوجان ريتا وغابي سرد اختبارهما عبر «قلم غار» برفع الشكر إلى الله على كل النعم التي أغدقها عليهما، ولا سيّما ابنهما. ويسألان الربّ أن يرافقهما دومًا، ويحمداه يوميًّا عبر صلاة المسبحة الورديّة.
