شربل غانم
لا شك في أنّ الصداقة أهمّ ركائز الحياة الاجتماعيّة، وهي تحتلّ المرتبة الثانية بعد الرابط العائلي. حين تكلّل العلاقة الربّيّة الصداقة والروابط الأسريّة، تتحوّل إلى محور ثلاثيّة العلاقات الاجتماعيّة. ينطلق المرء في رحلة الحياة بهدف النمو واكتشاف الذات، مجاهدًا كي يحيا في اتزان بين تلك العلاقات.
يظنّ المراهق أنّه يُنشئ عهد الأصدقاء بكثرة الرفاق وتنوّع اللقاءات. لكن الحقيقة بعيدة عن العدد والكمّ، فالصداقة الحقّة هي التي تحيا إلى الأبد، حتى الموت لا يفرّقها. عهد داوود الملك ويوناثان مثالٌ لصداقة دامت مدى الحياة: «قالَ يوناثانُ لِداوُوُدَ: اذهَبْ بِأمانٍ. نحنُ حَلَفْنَا باسمِ الربِّ، وقُلنا: لِيَكُنِ الرَبُّ شاهدًا بَيْنِي وبَيْنَكَ، وَبَيْنَ ذرِّيّتي وذرِّيّتكَ إلى الأبَدِ» (1 صموئيل 20: 42).
مع مرور الأعوام، يختبر المرء، بين الأفراح والأتراح، سقطات ونهوضًا وانطلاقًا إلى الأمام، ويكتشف عمق الحياة إذا التقى رفيقًا تحوّل إلى صديق.
«الصَدِيقُ يُحِبُّ في كُلِّ وقتٍ، والأخُ يُولَدُ ليَومِ الضِيقِ». (أمثال 17: 17).
الصديق الحقيقي هو الذي يكون لك أخًا في هذه الحياة، يضعه الربّ في دربك. سيقول لك: «لن تجد كمال سعادتك أو ما تبحث عنه في حياتك إلا عند أقدام الصليب، فهو لك الطريق. وسنسير معًا درب الحياة ونلقى المصير عينه».
كم يؤسفني واقع اليوم! المرء يبحث عن صديق ولا يجد أحدًا أمينًا. إنّ الأخ الحقيقي الذي يضعه الربّ في حياتك هو من سيعترف بمحدوديّته، ويؤكد لك أنّ المسيح هو الصديق الأوحد الأمين فقط.
إنّ يسوع المسيح هو الوسيط بين الله والبشر (1 تيموثاوس 2: 5)، وهو من يهب الكمال في حياتنا لنحيا في اتزان بين تلك الثلاثيّة الاجتماعيّة. سلامنا وفرحنا لا نجدهما بعيدًا عنه، حتى وإن أصاب خللٌ تلك الثلاثيّة، فبصليبه وحبّه خلاصنا.