البابا فرنسيس
الروح القدس هو ينبوع الرجاء المسيحي الذي لا ينضب. ترك لنا القديس بولس هذا الكلام البالغ الأهمّية: «لِيَغمُرْكُم إِلهُ الرَجاءِ بِالفَرَحِ والسَلامِ في الإِيمان لِتَفيضَ نُفوسُكم رجاءً بِقُوَّةِ الرُوحِ القُدُسِ» (روما 15: 13). إذا كانت الكنيسة سفينة، فإنّ الروح القدس هو الشراع الذي يدفعها ويجعلها تتقدّم في بحر التاريخ، اليوم كما في الماضي!
الرجاء ليس كلمة فارغة أو رغبةً فينا مبهمة في أن تسير الأمور بطريقة أفضل: بل هو يقين لأنّه قائمٌ على أمانة الله لوعوده. ولهذا السبب نقول إنّه فضيلة إلهيّة: لأنّ الله يفيضه فينا وهو الضامن له. الرجاء ليس فضيلة غير فاعلة تكتفي بأن تنتظر أن تحدث الأمور. إنّها فضيلة فاعلة جدًّا وتساعد في أن تحدث الأمور. كتب أحد الذين جاهدوا من أجل تحرير الفقراء هذا الكلام: «الروح القدس هو في أصل صراخ الفقراء. إنّه القوّة التي أُعطيت للذين ليس لهم قوّة. إنّه يقود الجهاد من أجل التحرّر وتحقيق الذات لشعب المظلومين».
لا يمكن للمسيحي أن يكتفي بأن يكون له رجاء، بل يجب عليه أيضًا أن يشعّه، وأن يكون زارعًا له. إنّه أجمل عطيّة يمكن أن تقدّمها الكنيسة للبشريّة جمعاء، وخاصّة في اللحظات التي يبدو فيها أنّ كلّ شيء يدفع إلى طيّ الأشرعة.
دعا بطرس الرسول المسيحيين الأوائل بهذا الكلام: «قَدِّسُوا الرَبَّ المَسيحَ في قُلوبِكم، وكونوا دائِمًا مُستَعِدِّينَ لأَن تَرُدُّوا على مَن يَطلُبُ مِنكم دَليلَ ما أَنتم علَيه مِنَ الرَجاء». وأضاف توصية: «ولكِن لِيَكُنْ ذلك بِوَداعَةٍ ووَقار» (1 بطرس 3: 15-16). وذلك لأنّ ما يُقنع الناس ليست قوّة البراهين، بل المحبّة التي نعرف أن نضعها فيها. هذه هي أوّل أشكال البشارة بالإنجيل وأهمّها. وهي مفتوحة للجميع.
أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، ليساعدنا الروح القدس دائمًا «لتفيض نفوسنا رجاءً بقوّة الروح القدس»!.
المصدر: الموقع الرسمي للفاتيكان
مقتطفات من كلمة البابا فرنسيس في المقابلة العامّة الأسبوعيّة (11 كانون الأوّل 2024)