باسمة بو سرحال
اقترفتُ الآثام الكثيرة، وارتكبتُ الجرائم المخجلة، لكن السماء فتحت لي أبوابها، بعدما اقتديتُ بمسيحي. أنا مار موسى الحبشي الذي هرب من الرذيلة إلى عالم يسوع، فخلّدته الكنيسة على مذابحها.
———————————————————-
وُلِدَ موسى في القرن الرابع في جنوب مصر حيث قيل إنّه من قبائل البربر أو الأحباش، فلُقِّبَ بـ«موسى الحبشي».
في شبابه، وُصِفَ بأنّه حاد الطباع ومشاكس، لا يهاب أحدًا حتى إنّه كان على رأس عصابة تضمّ العشرات، هدفها السرقة والقتل والاعتداء على الناس.
يُروى أنّ موسى، الأسود البشرة، العريض المنكبين، عَبَرَ نهر النيل ذات مرّة سباحةً والسيف بين فكّيه ليقتل راعيًا بهدف الانتقام.
وتقول رواية أخرى إنّه تاب فجأةً وأراد التعرُّف على الإله الحقيقي، وقصد الأنبا إيسيذوروس لمساعدته ثم الأنبا مكاريوس الكبير. وصادف في «برّية شيهيت» رهبانًا وشيوخًا تركوا العالم من أجل التفرّغ لعبادة الله، فتأثر بهم كثيرًا.
وهكذا، بات موسى مقتديًا بيسوع المسيح وتعاليمه، نادمًا على خطاياه وجرائمه.
لبس إسكيم الرهبانيّة على يدَي الأنبا إيسيذوروس الذي طلب منه أن يعود إلى المدينة لأنّ حياة النسك والزهد في البرّية قاسية جدًّا، فرفض موسى مُصِرًّا على البقاء.
وانطلق موسى في حياته الجديدة، فبدأ الصلاة ليلَ نهار، وكان يصوم كثيرًا ويكتفي بوجبة واحدة من الخبز اليابس في اليوم، منتصرًا على شهوات الجسد وإغراءات إبليس.
اتّسعت شهرة موسى، وقصده زوّارٌ من كل حدب وصوب، فاستقبلهم بحفاوة وبوجهٍ بشوش وأحْسَنَ ضيافتهم. لذا، اعتُبِرَ رمزًا للتواضع والخدمة. كما اهتمّ بالفقراء والمحتاجين وأصبح قدوة للكثيرين في حياته الرهبانيّة وعمله الخيري.
ويُقال إنّ الأنبا إيسيذوروس عرّفه ذات يوم في الإسكندريّة على البطريرك ثاوفيلوس الذي رسمه كاهنًا في ما بعد. ولمّا اقتربوا من المذبح، سُمِعَ صوتٌ من العلى يقول: «مستحق مستحق مستحق!».
في أحد الأيّام، علم موسى بأنّ البربر سيهاجمون الدير الذي يعيش فيه، فطلب من الرهبان الهروب. رفض الإخوة الإذعان لطلبه، وبقوا معه. دخل البربر عليهم وقتلوهم، فنال إكليل الشهادة في آب عام 408.
تحتفل الكنيسة الجامعة بعيد مار موسى الحبشي في تواريخ مختلفة، بينها 28 آب من كل عام، وقد اجترح الله على يديه عجائبَ كثيرة.
———————————————————-
يا مار موسى الحبشي، ليكن نور المسيح المخلّص مشعًّا في نفوسنا بشفاعتك، فننعم بحياة خالية من الشرّ والرذيلة، ونكون مسيحيين صالحين على مثالك، آمين.