ولد ماما (ماماس أو ميماس) في قيصريّة الكبادوك في القرن الثالث، من أبوَيْن مسيحيَّيْن تقيَّيْن، لكن ولادته لم تحصل في ظروف طبيعيّة إذ أُلقي القبض على والدَيْه لأنهما تمسّكا بإيمانهما ورفضا عبادة الأوثان.
بعد وفاة والده، أبصر النور في السجن إلا أن والدته ما لبثت أن فارقت الحياة بعد إنجابه.
اهتمّت امرأة تقيّة تُدعى “أميا” بتربيته، فنشأ على الوداعة والتواضع والقناعة والتقوى ومخافة الله، وكان يناديها “ماما” (ماماس باليونانيّة)، ولفرحها الشديد به كانت تناديه “ماما”.
كان ماما يرعى الغنم مقدّمًا عمله لله ومجده، ومتأمّلًا في جمالات الطبيعة، ورافعًا التمجيد والشكران إلى خالق السماء والأرض.
شهد للمسيح بين الوثنيّين، فاجتذب الكثيرين إلى الإيمان.
قبض جنود الإمبراطور أورليانوس على ماما إثر وشاية، وحاولوا إرغامه على تقديم الذبائح للأصنام، فامتنع عن ذلك.
ساقوه أمام ديمقريطس، حاكم قيصريّة الكبادوك، ومن ثمّ، أمام الإمبراطور الذي فشل في تملّقه، فاغتاظ لرؤية ولد يتحدّى إرادته، وصار يهدّده ويتوعّده، ثمّ سلّمه إلى الجلّادين، فضربوه بالسياط وردّوه إليه.
أعاد الإمبراطور الكرّة، فقال للصبيّ: إن لم ترغب في تقديم الذبائح لآلهة المملكة، فلا بأس! أنا أعفيك من ذلك لكن قُلْ فقط إنه سبق لك أن ضحّيت للآلهة، وأنا سأطلق سراحك. فأجابه ماما: لم أضحِّ ولن أضحّي، ولستُ مستعدًّا لإنكار سيّدي وإلهي يسوع المسيح.
ادّعى البعض لدى حاكم المنطقة أنّ ماما ساحر، فأرسل الحاكم إليه جماعة من الجنود للقبض عليه. استقبلهم بكل محبّة وبشاشة، واستأذنوه أن يذهب معهم إلى الحاكم.
شهد الجنود بأنه ليس ساحرًا وشرّيرًا. اغتاظ الحاكم، فأرسله إلى الإمبراطور الذي أمر بتعليقه وتمشيط جسمه وتقطيع لحمه وإلقائه في السجن.
ضمّد الربّ جراحاته، وجاء إليه السجناء الذين كانوا يئنّون من شدّة الجوع، فصلّى لأجلهم، وأرسل الله إليهم من يقدّم لهم طعامًا، ثمّ انفتحت أبواب السجن وخرجوا إلى الحرّيّة.
روى أورفيوس عنه أنه خرج ليعيش في القرية مع الحيوانات، وكان يتغذّى من اللبن والعسل. وعندما أطلق عليه الجنود الحيوانات المفترسة، عاملته الوحوش كراعٍ وسط حملانه، فكانت تستلقي عند قدميه في خضوع وسعادة.
ثمّ، أطلقوا عليه أسدًا ضخمًا، فراح يلعق قدميّ ماما. وحين ذهب الجنود لرؤيته، أمسكهم الأسد وألقاهم عند قدميه.
عندئذٍ، سلّمه الإمبراطور مجدّدًا إلى الجنود الذين أشبعوه ضربًا، وأحرقوا أطرافه بالمشاعل، وطعنوه بالحراب، وأمر بقطع رأسه، فأسلم الروح، ثمّ ألقوه في البحر.
نال ماما إكليل الشهادة في الخامسة عشرة من عمره في العام 275.
تحتفل الكنيسة بعيده في 2 أيلول من كل عام، سائلة شفاعته من أجل التحلّي بالشجاعة لإعلان البشارة مهما اشتدّت الصعاب والثبات في الإيمان حتى النفس الأخير.