باسمة بو سرحال
الصليب محفورٌ على صدري ومتغلغلٌ في أعماقي منذ نعومة أظفاري. أنا منقذ المرضى، وحبيب الفقراء. أنا مار روكز، وهذه قصّتي مع يسوع.
———————————————————-
من جذور فرنسيّة تحدّرت عائلة القديس روكز الذي أبصر النور في مدينة مونبلييه في أواخر القرن الثالث عشر، وعلى صدره صليبٌ أحمر.
كان تقيًّا غيورًا متفانيًا في سبيل الآخرين. وزّع أمواله على الفقراء بعد وفاة والديه وهو في ريعان شبابه، وأعطى أملاكه لعمّه. وقصد مدينة روما العظمى حيث كان مرض الطاعون منتشرًا، فضلًا عن الكثير من المدن الإيطاليّة.
بينما كان يهتمّ بخدمة المرضى ودفن الموتى، انتقل الوباء إلى جسمه وبدأت رحلته مع الآلام المبرّحة، قبل أن يُشفى ويعود إلى وطنه الأمّ حيث الحروب الأهليّة تمزّق البلاد، وكان عمّه حينذاك واليًا عليها.
كلب القديس روكز… رمز الوفاء
قصّة كلب القديس روكز ترتبط بأسطورة أحاطت بحياته؛ لمّا أُصيب روكز بالطاعون في أثناء رعايته المصابين بهذا الوباء في إيطاليا، قرّر الانسحاب إلى الغابة لينتظر الشفاء أو الموت بعيدًا من الناس حتى لا يعديهم.
في تلك الغابة، عانى روكز من آلام المرض والجوع، وكان على وشك الهلاك. حينها، تدخّل كلب، فكان يأتي إليه يوميًّا ومعه قطعة من الخبز في فمه. كما كان يلعق جروحه، ما ساهم في شفاء روكز تدريجيًّا. هذا الكلب أصبح صديقه في خلال فترة مرضه.
ويُقال إنّ غوتاردو، صاحب الكلب وهو أحد النبلاء المحلّيين، لاحظ اختفاءه بانتظام وعودته حاملًا الطعام. فقرّر تتبُّع كلبه ووجد روكز في الغابة. وهكذا، تعرّف إليه وساعده في شفائه ورعايته حتى تعافى تمامًا.
هذه القصّة جعلت الكلب رمزًا للوفاء والعناية، وأصبح مرتبطًا بشخصيّة مار روكز في الفنّ المسيحي. لذلك، غالبًا ما يُصوَّر القديس روكز في الأعمال الفنّية مع كلب يقف إلى جانبه، حاملًا قطعة خبز في فمه.
صليبه دلّ عليه
أُلقِيَ القبض على روكز ظنًّا أنّه جاسوس، ولم يتعرّف عمّه عليه لأنّه جاء متنكّرًا، فأمر بوضعه في السجن حيث ظلّ يصلّي ويصوم حوالى خمس سنوات إلى أن انتقلت روحه الطاهرة إلى السماء في 16 آب 1327.
روى المؤرّخون أنّ عمّ روكز عرفه بعد موته من الصليب المحفور على صدره، فشيّد كنيسة حملت اسمه تكفيرًا عمّا اقترفه بحقّه. بشفاعة مار روكز، تعافت مدينة كونستانس الألمانيّة من الطاعون عام 1414، فذاع صيته في فرنسا وأوروبا، واليوم في العالم أجمع.
تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بتذكار مار روكز في 16 آب من كل عام، وهو شفيع المرضى، ولا سيّما المصابين بالطاعون.
———————————————————-
أيها القديس روكز، تشفّع بنا لنسلم من الأمراض، واحفر في نفوسنا صليب المخلّص، فننال الحياة الأبديّة.