باسمة بو سرحال
«الورديّة هي كنزك، اتّكلي على رحمتي والجود الإلهي القدير وأنا أدبّرك». كلمات العذراء انطبعت في قلبي، واختبرتُ عمقها حتى النفس الأخير. أنا القديسة ماري ألفونسين غطّاس، وهذه حكايتي مع يسوع ومريم العذراء.
———————————————————-
صفّقت الأيادي ابتهالًا في ساحة القديس بطرس الفاتيكانيّة، وذُرفت الدموع فرحًا، وركع المؤمنون على ركبهم بخشوع، على وقع قرع أجراس الكنائس في روما وفلسطين ولبنان والعالم، عندما أعلن البابا فرنسيس قداسة ماري ألفونسين غطّاس.
هي سلطانة غطّاس التي أبصرت النور في القدس في 4 تشرين الأوّل 1843. والدها دانيال نجّار، ووالدتها كاترينا ربّة منزل تقيّة. لها ثلاث شقيقات ترهّبن، وخمسة أشقّاء، بينهم كاهن.
نالت سرّ المعموديّة بعد شهر ونصف الشهر من ولادتها، ودُعِيَت مريم. تلقّت علومها في مدرسة راهبات مار يوسف في مسقط رأسها حيث كانت مثالًا للفتاة المجتهدة والمهذّبة والمتواضعة والمحبوبة.
رغبت سلطانة بالترهّب، فاعترض والداها في بداية الأمر. بعد إصرارها، أبلغها أبوها بموافقته، وكانت الفرحة الكبرى! دخلت الدير عام 1860، وأبرزت نذورها الابتدائيّة عام 1863، وحملت اسم ماري ألفونسين.
منذ ذلك الحين، علّقت على صدرها الصليب علامةً لتكريس ذاتها للمسيح وبقي ملازمًا لها حتى مماتها.
درّست ماري ألفونسين اللغة العربيّة والتعليم الديني لمدّة سنتين في القدس، وأسّست أخويّتَي «الحبل بلا دنس» و«الأمّهات المسيحيّات».
بعد ذلك، نُقِلَتْ إلى بيت لحم حيث ظهرت لها مريم العذراء، وطلبت منها تأسيس رهبانيّة باسم «راهبات الورديّة المقدّسة».
من ثم، أخذت موافقة بطريرك القدس للاتين فينتشنزو باروكو، وأسّست «راهبات الورديّة المقدّسة» بمشاركة 8 فتيات أخريات. نالت الموافقة على قوانين الرهبانيّة عام 1897 قبل أن تتبع مباشرة الكرسي الرسولي في روما عام 1959.
تحدّثت الأمّ ماري ألفونسين عن الكثير من الرؤى التي كانت العذراء ترشدها عبرها إلى كيفيّة عيش الحياة الرهبانيّة وأهمّية صلاة الورديّة لنيل النعم الجمّة: «لقد جعلت أمّي مريم عزلتي بمثابة فردوس، وحوّلت فقري إلى سعادة، وعذابي وتعبي إلى حلاوة وراحة».
في 25 آذار 1927، انتقلت الأمّ ماري ألفونسين إلى الحياة الأبديّة، مزوّدة بإيمان جبّار قادها إلى السماء قبل أن يدوّن مجمع دعاوى القديسين في سجلاته الأعجوبتين اللتين حصلتا بشفاعتها؛ الأولى عندما ألقت مسبحتها لسحب فتاة سقطت في بئر ماء بعمق خمسة أمتار فبقيت على قيد الحياة وخرجت سليمة، والثانية عندما أقامت رجلًا من الموت إثر وضع مسبحتها في فمه بعد غمسها بالمياه المقدّسة ما أدّى إلى شفائه على الفور.
في 22 تشرين الثاني 2009، أعلن عميد مجمع دعاوى القديسين الكاردينال أنجيلو أماتو الأمّ ماري ألفونسين طوباويّة، نيابةً عن البابا بنديكتوس السادس عشر. ورفعها البابا فرنسيس قديسة على مذابح الربّ في 17 أيّار 2015.
تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بتذكار القديسة ماري ألفونسين غطاس في 19 تشرين الثاني من كل عام، طالبةً شفاعتها من أجل تعزيز الإيمان وإحلال السلام في الأراضي المقدّسة.
———————————————————-
أيتها القديسة ماري ألفونسين، معك نردّد اليوم: «الحبّ قويّ كالموت، ويجعلنا نقدّر الفقر ونصبر على الجوع والبرد ونسرّ بالإهانة ونرضى بالمرض ونقاوم التجربة ونحتمل الاضطهاد».