إلسي كفوري خميس
بارقة أمل جديدة تلوح في أفق وطن الرسالة والقداسة بختم التحقيق الأبرشي في دعوى تقديس خادم الله الأب أنطونيوس طربيه وإرساله رسميًّا إلى دائرة دعاوى القديسين. ذاك الراهب المريمي الذي اتّسمت حياته بالزهد والتقشف والنسك في وادي قنّوبين.
الحبيس «القديس» ما زال يجذب المؤمنين بعد 26 عامًا على وفاته. هو من ترك الأثر الكبير في قلوبهم، عندما كانوا يقصدونه في الوادي المقدّس، فغيّر حياة كثيرين، وردّ الخطأة منهم إلى التوبة. اتّحاده بالربّ في أيّامه الأخيرة جعله يتخطّى الألم بابتسامة لم تفارق محيّاه.

نعم غزيرة
في حديث خاص إلى «قلم غار»، أكد الأب يوسف بطرس، طالب دعوى تطويب الأب أنطونيوس طربيه، أنّ نِعَم الحبيس لا تُعدّ ولا تحصى، وقد بدأت تفيض قبل وفاته، مشيرًا إلى أنّ أبرزها نعمة شفاء الطفل جو ريشا من مرض السرطان.
وأردف: «في أيّار 1990، أحضرته والدته إلى الأب طربيه، فصلّى عليه ونظر إلى صورة مريم العذراء وبكى. وقال لوالدة الطفل إنّ العذراء ستشفي ابنك بين عيدَيْها، أي بين 15 آب و8 أيلول 1990. وهذا ما حصل فعلًا».
لكن الأب بطرس لفت إلى أنّ هذه «الأعجوبة» لا يمكن الاستناد إليها في دعوى التطويب لأنّها حصلت لمّا كان «أبونا أنطون» على قيد الحياة.
3 دقات… ويستجيب
قال الأب بطرس إنّ هناك نِعَمًا وأعاجيب كثيرة حصلت بشفاعة الأب أنطونيوس طربيه بعد مماته، وتمثّلت في منح نعمة الأمومة للنساء العاجزات عن إنجاب الأطفال.
وذكر حادثة حصلت مع امرأة زارت قبر الحبيس مع زوجها. وبمجرّد أن طرقت باب القبر 3 مرات، استجاب لها إذ اكتشفت بعد فترة وجيزة أنّها حامل في 25 آذار 2020. وقد ظهر وجها مريم العذراء والأب طربيه في جرن معموديّة الطفل، بشهادة الكاهن الذي ترأس رتبة العماد في 7 أيّار 2022، فكانت علامة على رضا الأب طربيه وحضوره.
لم يُفصح الأب بطرس عن سبب طلب الفاتيكان إعادة التحقيق لسرّية الملف، لكنه شدّد على أنّ اختبارات الناس دامغة وبعضها موثق لدى الأطبّاء. وأكد حصول شفاءات عدّة من أمراض مزمنة ومستعصية، منها تعافي رجل كان يتعالج من مرض السرطان، شاهد في حلمه الأب أنطونيوس طربيه وهو يُخرِج من رئته رمادًا أسود ويقول له: «لقد شُفيت!».
وكشف أنّ التحقيق في أعجوبة التطويب لم يبدأ بعد، لافتًا إلى أنّها الدعوى الأولى التي تفتحها الرهبانيّة المارونيّة المريميّة.

في انتظار إعلان القداسة
إلى ذلك، أوضح الأب بطرس: «حتى الساعة، لا يحق للكنيسة أن تكرّم الأب أنطونيوس طربيه، لكن يحقّ للمؤمن الذي يطلب شفاعته أن يكرّمه فرديًّا».
وتحدّث عن محبّة الناس الكبيرة له واعتباره قديسًا قبل إعلان قداسته، مشيرًا إلى أنّ وادي قنّوبين يغصّ بالحشود الغفيرة في ذكرى وفاة الحبيس.
وكشف أنّ عيّنة من دماء الأب طربيه وُزِّعَت على كثيرين قبل وفاته، وهذا دليل على إيمان هؤلاء بشفاعته. وقال إنّ الرهبانيّة المارونيّة المريميّة اضطرّت إلى إقفال الصندوق الذي سُجِّيَ فيه جثمانه لأنّ الناس راحوا ينتفون ذقنه لنزع الشعر منه في حين لجأ البعض إلى قصّ أظافره.
وأخبرنا الأب بطرس أيضًا عن حادثة حصلت قبل وفاة الأب طربيه، في 20 حزيران 1998، مع المرأة التي اهتمّت بخدمته، فقد احتفظت بقطعة قماش مسحت بها عرقه لتعبق منها، بعد فترة، رائحة خبز وورد، كما وصفتها.
وختم الأب بطرس حديثه عبر «قلم غار» بالقول: «إنّنا متشوّقون إلى لحظة إعلان قداسة الأب أنطونيوس طربيه، وسنسعى إلى تعيين طالب دعوى لدى الكرسي الرسولي بأسرع ما يمكن لاستكمال التحقيق الذي يتركّز حاليًّا على بطولة الفضائل وشهرة القداسة ليُعلَن في ختامه مكرّمًا».

الجدير بالذكر أنّ الرهبانيّة المارونيّة المريميّة سلّمت دعوى إعلان قداسة الأب أنطونيوس طربيه رسميًّا إلى دائرة دعاوى القديسين في 31 تمّوز 2024 من أجل استكمال الإجراءات القانونيّة المطلوبة.
وكان التحقيق في دعوى تقديس الأب أنطونيوس طربيه قد انطلق في العام 2009 واستمرّ لغاية 2012، ثم طلب الفاتيكان تحقيقًا إضافيًّا فُتِحَ في العام 2022 إلى أن خُتِمَ قانونيًّا في 29 تمّوز 2024.