غيتا مارون
“جاهد في الإيمان جهادًا حسنًا، وفُز بالحياة الأبديّة التي دُعيت إليها” (1 تي 6: 12). إنها الدعوة التي لبّاها الراهبان الكبّوشيّان ليونار ملكي وتوما صالح، فسلّما حياتهما إلى المسيح المخلّص واستشهدا برائحة القداسة في القرن العشرين.
ليونار ملكي وتوما صالح في سطور
ولد الراهبان ليونار عويس ملكي (1881-1915) وتوما صالح (1879-1917) في بعبدات، وهما يتحدّران من أسرتين متواضعتين. انتقلا إلى تركيا لأنهما رغبا في أن يكونا مرسلَيْن، والتزما في الرهبنة الكبّوشيّة. بعد 11 عامًا من إنهاء دراستهما، قصدا لبنان.
من ثمّ، عيّنتهما الرهبنة في بلاد ما بين النهرين، فعملا في التعليم مع الشبيبة.
في الحرب العالميّة الأولى التي شهدت اضطهاد المسيحيّين، أُلقي القبض على الأب ليونار الذي التزم بعيش رسالته المقدّسة في ماردين، بعدما حاول إنقاذ الراهبات، ورفض الرحيل متأثّرًا بأحد الكهنة الطاعنين في السن الذي خاف من أن يُترك وحيدًا في مواجهة مضطهدي المسيحيّين.
بعد إلقاء القبض عليه، سُجن الأب ليونار، وتعرّض لأقسى أنواع العذابات: الضرب المبرّح، ونزع الأظافر، ونتف اللحية… وحاول المضطهدون آنذاك فرض الدين الإسلامي عليه لكنه واجههم بالرفض، بل حوّل السجن إلى كاتدرائيّة.
كان الكهنة يمنحون السجناء سرّ الاعتراف (حوالي 800 سجين)، ويحتفلون بالذبيحة الإلهيّة. من ثمّ، كانوا يُساقون إلى الصحراء، قبل قتلهم.
هذا ما حدث مع الأب ليونار الذي سيق مع حوالي 417 مسيحيًّا إلى أرض قاحلة حيث نالوا إكليل الشهادة، بعدما ظلّلتهم غيمة في خلال قدّاسهم الإلهي، في 11 حزيران 1915.
أما الأب توما صالح، فنُفي من ديار بكر إلى أورفا حيث استقبله كاهن أرمنيّ وأنقذه من محاولة قتله، ما جعله مستعدًّا للموت من أجله.
بعد مرور أشهر عدّة، أُلقي القبض على الأب توما وعدد من الكهنة في الدير، وتعرّضوا لأقسى أنواع العذابات، فقضى الراهب الكبّوشي منفيًّا، بعد إصابته بالتيفوس، في 18 كانون الثاني 1917.