كلود حداد
في 18 تشرين الأوّل 2015، أصبح لويس وزيلي مارتن، والدا القديسة تريزيا الطفل يسوع، أوّل زوجَيْن تُعلن الكنيسة الكاثوليكيّة قداستهما. حاول كلاهما قبل الزواج الانخراط في الحياة الرهبانيّة، لكن طلبهما قوبل بالرفض. أمّا الربّ، فكان له مشروعٌ آخر لهذا الثنائي.
ذات يوم، جمعهما لقاء -وليس عند الله صُدَف- على جسر مدينة ألانسون الفرنسيّة. وانطلقت من هناك قصّة حبّ استثنائيّة، تبعها بعد ثلاثة أشهرٍ زواجٌ وتكوين عائلة فاح منها عطر القداسة، ثمرتها خمس راهبات، بينهن القديسة تريزيا الطفل يسوع وخادمة الربّ التي يُدرس ملفّ تطويبها وهي الابنة الثالثة ليوني.
وتُطرح الأسئلة الآتية: كيف يمكن للقديسين أن يجتمعوا تحت سقف بيت أسرة واحدة؟ ما سرّهم؟ من أيّ نبعٍ شربوا وأيّ غذاءٍ تناولوا؟
لقد كانت كلمة الله مشرب زيلي ولويس مارتن، وعندما تذوّقا وتشاركا حُبّه العظيم وأصبحت قلوبهما مسكنًا له ولابنه وروحه القدّوس، أغدق الربّ عليهما بركاته وأبهج نفسيهما، فمن يتذوّق ما أطيب الله من خلال قربان ابنه الوحيد المقدّم على مذبحه الطاهر، لا يعد يستطيب أيّ مأكلٍ أو مشرب لأن يسوع يصبح جزءًا من كيانه، فيمتلئ به.
إنّ سرّ حبّ الله العظيم كامنٌ في قربانة صغيرة غيّرت نكهة حياة عائلة مارتن لأن فيها مذاق جنّة الربّ السماويّة حيث بحر حُبّه ونوره الأزلي اللامتناهي. بفضل زيلي ولويس مارتن، تشرّبت بناتهما الخمس نِعَم الإفخارستيا، فقدّمت تلك الفتيات حياتهن للّذي بذل نفسه لخلاصنا وذهبنَ إلى أقصى حدود الحبّ وقدّمن بدورهنّ حياتهن له بفقر وصلاة وطاعة وعفّة وصمت.
هذا ما حصده القديسان زيلي ولويس مارتن، فسرّ الحبّ الأعظم الذي أُعْطِيَ لهما، وجمعهما بقربانة صغيرة غُمّست بدم الفادي لخلاصنا أثمر ثلاثة قديسين في عائلة واحدة ومشروع طوباويّة، أرادها الله منذ البداية علامةً فارقة في عالمنا الحديث المتهاوي، ومثلًا يُقتدى به للأجيال ولأزواج المستقبل لأن الخليّة التي يولد ويكبر فيها الحبّ ويتشعّب هي العائلة. إن العائلة التي تنمو بنعمة الربّ، على غرار أسرة زيلي ولويس مارتن، هي أرضٌ حاضنة وخصبة ومنبت قديسين.