جويل كامل
عندما سُمِّرَ المسيح على الصليب، تصوّرَ الناس جميعًا أنّ ملفّ “يسوع المسيح” أٌغلقَ إلى الأبد.
ظنَّ أعداؤه أنّهم أحرزوا أكبر انتصار في التاريخ! أخذوا يدورون حولَه، وهم يقولون له بلهجة المنتصر: “إن كنتَ ابنَ الله، فانزل عن الصليب لكي نؤمن بك” حتّى التلاميذ أنفسهم فكّروا في المنطق عينه.
لهذا، قال لوقا وكلاوبا على طريق عمّاوس ليسوع: “تبعناه، وأحببناه، وكنّا نرجو أنّه هو المزمع أن يخلّص شعبه إسرائيل” (لو 24: 20-21).
لقد انتظر اليهود في المسيح حاكمًا سياسيًّا أرضيًّا وملكًا جبّارًا في الحرب يخلّصهم. من هنا، كان تفسيرهم السياسيّ للنبوءات.
لكنّ المسيح غيّر تلك المقاييس، وأعطى بعدًا جديدًا لمفهوم الخلاص: “قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ”.
كان صليب الربّ يسوع أداة المجد والظفر، وكان موته طوعيًّا: “لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها”. ليس أحد له سلطان على النفوس إلا خالق النفوس. هنا، تظهر جليًّا وحدة الآب والابن في الجوهر، كما تظهر طبيعتا المسيح الكاملتان: يموت كإنسان، ويقوم كإله.
أمّا السبب في هذا التنازل الإلهيّ، فيوضحه الربّ بقوله: “إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ. مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ”. إنّ المسيح ابن الله مات طوعًا ليكفّر عن خطايانا، وقام لنقومَ معه!
لقد ظنّ اليهود والرومان أنّهم قتلوا إنسانًا يُدعى “يسوع” وتخلّصوا منه لكنّ بولس الرسول يشهد بأنّ يسوع قام في اليوم الثالث، وظهر للتلاميذ، ولكثيرين آخرين، وله أيضًا: “ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلاثْنَي عَشَرَ. وَبَعْدَ ذلِكَ، ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ، أَكْثَرُهُمْ بَاقٍ إِلَى الآنَ. وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا. وَبَعْدَ ذلِكَ، ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ. وَآخِرَ الْكُلِّ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ظَهَرَ لِي أَنَا لأَنِّي أَصْغَرُ الرُّسُلِ” (1 كو 15: 5-8).
إنّ يسوع الناصريّ الذي صلبه اليهود قام من بين الأموات، وهو المسيح المنتظر الذي افتتح ملكوت السماوات وطريق عودة الإنسان إلى الله.
هذه هي الخبرة التي شهد لها التلاميذ حتّى الموت، وعندما نالوا الروح القدس في العنصرة، غيّروا المسكونة التي كانت غارقة في الخرافات الوثنيّة، وزرعوا معرفة الله الحقيقيّ في البشر “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ” (يو 3: 16).