أسرة تحرير «قلم غار»
بدعوة من بطريركيّة بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك، احتفى لبنان مساء اليوم بوصول جثمان خادم الربّ البطريرك الكاردينال كريكور بيدروس الخامس عشر أغاجانيان إلى ساحة الشهداء-بيروت، وسط ترحيب رسمي وشعبي. ترأس الاحتفال بطريرك الأرمن الكاثوليك روفائيل بيدروس ميناسيان، وحضره البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وفاعليّات روحيّة ورسميّة وحشد من المؤمنين.
برهان السلام والمصالحة
في كلمته، قال ميناسيان: «أتينا بالبطريرك أغاجانيان لنُظهِر للعالم تماسكنا وتعاضدنا ومحبّتنا المتبادلة بين جميع الطوائف. هذه هي الصورة التي أردنا إيصالها. وجودنا اليوم هنا من جميع الطوائف هو برهان للسلام الذي نعمل لأجله وللمصالحة السياسيّة، ونطلب من البطريرك أغاجانيان أن يمنّ علينا بالسلام العادل كما وعدنا».
وأعرب عن شكره وطن المحبّة والعيش المشترك والعطاء وينبوع القديسين، وشعب لبنان وعلى رأسه من يسعى إلى سلامته وأمنه وازدهاره في الدولة.
وتوجّه إلى خادم الربّ الكاردينال أغاجانيان بالقول: «ها قد أتيتَ إلينا لتشاركنا أوجاعنا وتساندنا في هذه المرحلة وتقوّي إرادتنا. ونحن نأخذ المبادرة للمصالحة الوطنيّة والسياسيّة ليعود وطننا بهيئته الدستوريّة وليكون له رئيس ودولة».
قديس عظيم للبنان
من جهته، ألقى الراعي كلمة أكد فيها أنّ الكاردينال أغاجانيان سيكون طوباويًّا وقديسًا عظيمًا، مهنّئًا به كل الكنائس ولبنان بأسره.
وقال: «بتقوى وخشوع، نستقبل هذا المساء جثمان خادم الله الكاردينال البطريرك كريكور بيدروس الخامس عشر أغاجانيان في وطنه لبنان، حيث سيكون ضريحه في كاتدرائيّة مار غريغوريوس ومار الياس النبي للأرمن الكاثوليك في ساحة الدباس في بيروت. وأوّل ما عرفته في سنة 1953-1954 عندما احتفل بقداس يسوع الملك بدعوة من الطوباوي الأب يعقوب حداد الكبوشي، وأنا كنت طالبًا في دير سيّدة اللويزة، الدير الأمّ للرهبانيّة المارونيّة المريميّة، وكنا نخدم قداديس العيد، وكان أبونا يعلّمنا خدمة المذبح».
وتحدّث الراعي عن معرفته بخادم الربّ وتأثّره بسيرته: «منذ ذلك الحين، دخل البطريرك أغاجانيان قلبي حتى رأيته من جديد في روما في أثناء المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني 1962-1965. وكان فيه الكاردينال البطريرك أحد رؤساء جلساته، وكنت أساعد في إذاعة الفاتيكان، ما مكّنني من تصويب نظري الدائم إليه. وكان لديّ إحساس كبير بشخص هذا الكاردينال البطريرك، فلم أكن أنظر إلا إليه بين آباء المجمع».
وتابع: «عندما قدّمت دعوى تطويبه سررت جدًّا، وقلت إنّه مستحق. والآن بفضل بقاء جثمانه سليمًا، نأمل أن يسهّل ذلك في الدعوى».
نموذج بهي عن لبنان
بدوره، تحدّث رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مشيدًا بمزايا الكاردينال أغاجانيان، فقال: «تجمّعت في شخصه هويّاتٌ عدّة، فباتَ على مثال لبنان كثيرًا في واحد. هو الأرمني الجيورجي اللبناني، والحبر المشرقي الروماني المسيحي المنفتح على الآخر بمحبّةٍ وإيمان، المحافظ من سدّة كهنوت كنيسته الجامعة، على ثبات انتمائه الوطني إلى لبنان، الأرض التي تفيض إيمانًا كلّما تراكمت عليها المصاعب».
وأكد أنّ أغاجانيان نموذج بهي عن لبنان الرسالة وخير تعبير عن نعمة التلاقي، القيمة الإنسانيّة النبيلة التي ينبغي لجميع اللبنانيين أن يجسّدوها في عيشهم معًا.
رمز وطني جامع
إلى ذلك، أشار المطران كريكور باديشاه، المعاون لأبرشيّة بيروت البطريركيّة، إلى أنّ «ساحة الشهداء، بهذا الحضور البهي، تؤكد مجدّدًا أنّها ليست مجرّد مكان، بل هي رمز وطني جامع للبنانيين، مهما اختلفت انتماءاتهم. إنّها بارقة أمل تتلألأ في سماء وطننا الحبيب، وتذكّرنا دومًا بقيمنا المشتركة ووحدتنا التي لا تُقهر».
في ختام الاحتفال، نُقِلَ جثمان الكاردينال أغاجانيان إلى كاتدرائيّة مار غريغوريوس ومار الياس النبي للأرمن الكاثوليك في ساحة الدباس-وسط بيروت.
تجدر الإشارة إلى أنّ جثمان الكاردينال أغاجانيان قد وصل بعد ظهر اليوم من روما إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، مسجًّى في نعشٍ زجاجي، يرافقه ميناسيان ولفيف من الكهنة.
ثم نُقِلَ جثمان خادم الربّ إلى قاعة الصالون الرئاسي في مبنى كبار الزوّار، حيث أُقيم له استقبال رسمي ورُفعت الصلوات والتراتيل، وتزيّنت القاعة بالورود وبصوره.
وقد حُمِلَ نعش الكاردينال أغاجانيان على أكتاف 12 شابًا يمثّلون جميع الطوائف اللبنانيّة المسيحيّة والإسلاميّة إلى ساحة الاحتفال، مترافقًا مع عزف موسيقي للكشاف الأرمني، ونثر الأزهار والأرزّ.