شربل غانم
منذ قرابة عام، يتخبّط الشرق الأوسط في حرب مدمّرة حتى بلغت لبنان…
كم أحزن لرؤية الناس يُهجّرون خوفًا من الدمار والموت المحتّم؛ منهم من يقع ضحيّة شرور الحرب، وآخرون ينطلقون في سبيلهم من دون معرفة مصيرهم. دموعٌ تُذرَف وخوف يتملّك القلوب، وطرقات تعجّ باللاجئين، ودخان الحرب يكسو السماء…
لكنّنا على يقين بأنّ سحابة النور ستنتصر لأنها تعلو فوق دخان الحرب، معلنةً: «هوذا الربّ راكبٌ على سحابةٍ سريعة» (أشعيا 19: 1).
نادرًا ما نتوقّف عند مشهد العائلة المقدّسة… لنتذكّر أنّ رسالة هذه العائلة بدأت بنعم مريم لما تلقّت بشارة الملاك: «أنا أمةٌ للربّ» (لوقا 1: 38)، وتبعتها طاعة يوسف لملاك الربّ: «وفعل كما أمره الربّ» (متى 1: 24).
أحداث اليوم جعلتني أتأمّل في مسيرة عائلة الناصرة، متسائلًا: «كيف عاشت بعد تجسّد الكلمة وهروبها إلى مصر؟ ماذا حلّ بأفرادها؟ كيف أعال يوسف العائلة في خلال أعوام غربتها؟».
من ثم عدت وتأمّلت في عمق حياة هذه العائلة، وفهمت أنّ تسليمها المطلق لمشيئة الربّ قادها للتغلّب على كل النكبات إلى أن عادت واستقرّت في الناصرة. لا شكّ في أنّ مصر تباركت بإقامة العائلة المقدّسة فيها، فالكتاب المقدّس يقول: «تضطرب أوثان مصر من وجهه، ويذوب قلب مصر» (أشعيا 19: 1).
ألم تكن ثمرة حياة عائلة الناصرة المليئة بالتحدّيات والاضطهادات قيامة وحياة؟
في حياته العلنيّة، عاش يسوع مبشّرًا وشافيًا الجموع… ولا يزال حيًّا ويعمل من خلال كنيسته السائرة بحسب إلهامات الروح القدس. بشهادتها، أوثانٌ كثيرة تُهدم، وقلوب كثيرة تعود لها الحياة باسم يسوع المسيح.
على الرغم من أجواء الذعر والصراعات، كثيرون هم يد يسوع على الأرض، انطلقوا للبشرى وتسلّحوا بكلمة الحياة شاهدين للمسيح. وآخرون يحيون بالخفاء، حاملين لبنان والشرق الأوسط في صلواتهم المرتفعة كالبخور أمام عرش الربّ.
أيتها العيون الباكية، ارتفعي نحو السماء وتغنّي بأشعّة الشمس الإلهيّة!
أيتها القلوب المثخنة بالجراح، اطلبي لمسة شفاء، فجُرح قلب الحبيب الإلهي دواء لكل داء!
أيها الفقير الوحيد، ابتهج بغناك لأنّ يسوع عاش نظيرك فقيرًا، غناه وغذاؤه تتميم مشيئة الله!
أيها الجائع والعطشان، تناول الخبز النازل من السماء واشرب من ماء الحياة!