عصام عازوري
في العام 2009، كانت المرّة الأولى التي أشاهد فيها مباشرةً احتفال فيض النور من قبر المسيح في كنيسة القيامة. وأسّست حينها مبادرة على فيسبوك تحت اسم «مسيح واحد، قيامة واحدة»، لكنها اندثرت مع تغيير خوارزميّات البرمجة.
في تلك السنة أيضًا، زار البابا الراحل بنديكتوس السادس عشر الأردن، فاعتبرتُ حينها أنّ أهمّ هديّة للأب الأقدس تكمن في توحيد زمن بداية الصوم حتى نحتفل معًا بالقيامة. وكانت لزيارة الأردن دلالاتها، إذ إنّ هذه الدولة العربيّة تعتمد تاريخًا موحّدًا للاحتفال بالفصح.
البابا فرنسيس الذي سعى إلى هدم كل الجدران والأسوار بين البشر على اختلاف دياناتهم وثقافاتهم، ورعى حوارًا مسكونيًّا جدّيًا حول مواضيع متنوّعة، أبدى رغبة واضحة في توحيد الاحتفال بقيامة يسوع من دون شروط مسبقة.
لقد كان واضحًا في إبداء هذه الرغبة في أكثر من موضع، داعيًا الكنائس إلى الاتفاق على تاريخ موحّد للاحتفال بعيد القيامة.
آلمه أن يرى الانقسام السائد في الكنيسة، جسد المسيح الواحد، واختلاف ممارسة المسيحيين التقوى الشعبيّة أو التراث الكنسي غير المكتوب، حيث يحتفل قسم منهم بالقيامة (يتبارون في تفقيس البيض ويأكلون المعمول)، بينما يكمل آخرون صومهم!
لم يفرض تاريخًا واحدًا، ولو تمّ التداول بتواريخ عدّة من باب المساومة أو البحث عن حلول وسطيّة.
لكن البابا الذي غادرنا صباح اثنين الملاك (بحسب الطقس اللاتيني) ترك لنا نداءً روحيًّا أو «وصيّةً روحيّةً»، بتدبير إلهي وإلهام من الروح القدس. ففي رسالته الأخيرة إلى مدينة روما والعالم، والتي حرص على قراءتها، على الرغم من ضعفه واشتداد المرض عليه، قال حرفيًّا (بحسب الترجمة الفاتيكانيّة الرسميّة): «من القبر المقدّس، كنيسة القيامة، حيث يحتفل الكاثوليك والأرثوذكس بعيد الفصح هذه السنة في اليوم نفسه، ليشعّ نور السلام على الأرض المقدّسة بأسرها وكل العالم».
بجملة واحدة وأخيرة، البابا اليسوعي الحريص على انتقاء كلماته، أعطى تعليماته الأخيرة حول توحيد العيد وتاريخه إذ ربطه بالقبر المقدّس وفيض النور (نور السلام ونور القيامة).
فإذا كنا حريصين فعلًا على الحفاظ على إرث البابا فرنسيس بيننا بعد عودته إلى بيت الآب، دعونا نتفق معًا على موعد موحّد وقاعدة موحّدة للاحتفال بقيامة يسوع من بين الأموات، ونعود عكسيًّا حتى تحديد موعد بدء الصوم.
لنعتمد «روزنامة البابا فرنسيس»، وليكن يوم الاحتفال بفيض النور من كنيسة القيامة موعدًا ثابتًا لسبت النور، ولو تغيّر تاريخه بحسب السنوات، فيتمّ الاتفاق على موعد كرّسه الإيمان والتقوى الشعبيّة، بعيدًا من حسابات الربح والخسارة.
بهذا يفرح البابا فرنسيس حيث هو، وننال ثمار هذه السنة اليوبيليّة المباركة، وحدة احتفال بقيامة يسوع، تمامًا كما تحتفل معظم كنائسنا بتاريخ موحّد لعيد الميلاد.