غيتا مارون
زلفا الخوري مطر، مجازة في الحقوق، وربّة منزل، وناشطة في العمل الرعوي، ومتأهلة وأمّ لثلاثة أولاد، تخبر “قلم غار” عن مسيرة غنيّة بحضور الربّ المعزّي.
لم يهزمني “الألوبيسي” لأنني قويّة بالذي يقوّيني!
“ألمس حضور الربّ في عائلتي من خلال أولادي وزوجي، والتزامنا وإيماننا، وكيفية تخطّي العثرات، ونعتبر أن كل الأمور التي تحصل معنا هديّة من ربّنا، فنأخذ الناحية الإيجابيّة منها؛ أما النواحي السلبيّة، فلا نسلّط الضوء عليها”، تقول زلفا.
إيماني كبير، ومن يتحلّى بالإيمان، يستطيع أن يفتّت الصخور، ويمرّ عبرها. أعرف أن الله لن يتركنا، وعندما نتّكل عليه، يعطينا القوّة.
سبحان الله! إذا ما كنت أشعر بأنني أسقط، تنتشلني يد الله على الفور!
من الصعوبات التي آلمتني في حياتي معاناتي من مرض “الألوبيسي” Alopecia areata أو مرض الثعلبة الذي يؤدي إلى تساقط شعر الإنسان على مستوى الجسم كلّه… ويجهل المجتمع معنى الألم الذي تشعر به المرأة من جراء فقدانها مصدر جمالها الخارجي… كم من مرّة سمعت عبارة: “يا حرام، صبيّة! كيف تستطيعين مواجهة هذه المشكلة؟ كيف تتحلّين بالقوّة؟!”
وكانت إجابتي: “أنا قويّة بالذي يقوّيني!” إن ربّنا يسكن قلبي، وإيماني كبير إلى درجة جعلتني أتخطّى هذه المشكلة، ولم أترك ما حصل معي يشكّل عائقًا أمامي، بل نظرت إلى الأمام، وثباتي بالإيمان قوّاني، وكان هدفي الأوّل الاهتمام بعائلتي.
تساقط الشعر مهمّ جدًّا بالنسبة إلى المرأة لأن شعرها مصدر ثقة وجمال… اليوم، أنا أضع شعرًا مستعارًا وأهتمّ بشكلي الخارجي من دون أن أجعل الآخرين يشعرون بأن شعري تساقط… للأسف، سبّب علاجي بالكورتيزون زيادة وزني، لكن كل تلك الأمور المستجدّة لم تمنعني من إكمال حياتي بصورة اعتياديّة، ومشاركة لحظات الفرح مع أولادي”.
هذا ما حصل عندما احترق ابني…
وتخبر زلفا: “لمست حضور الربّ بقوّة عندما احترق ابني شربل الذي كان يبلغ من العمر عامًا واحدًا؛ في ذلك اليوم، وضعته في عربة المشي، وإذا به يأخذ منّي ركوة القهوة عنوة، ويدفعها، فتنسكب عليه وتحرقه… كم كانت مؤلمة تلك اللحظات، وكم اعتصر قلبي من الوجع بعدما احترق صغيري، وبقي 33 يومًا في العناية المركّزة في المستشفى.
بعد 21 يومًا، أعلمنا الطبيب بأنه قد يضطر إلى إخضاع ابني لعمليّة إزالة الأنسجة الجلديّة التي تعرّضت للحروق وزرع أنسجة جديدة… حينئذٍ، طلبت من الربّ أن يأخذ منّي ما يشاء، ويترك ابني إلى جانبي، وطلبت من القديسين الشفاعة من أجل نيل نعمة شفاء ابني، والحمد لله، خضع صغيري للعمليّة الجراحيّة، وتعافى…
بعد هذه الحادثة، بدأ شعري يتساقط، لم أكن أعرف أن هذه الحالة هي مرض “الألوبيسي” الذي تبدأ عوارضه بظهور بقع في الجسم، ومن ثم، يتساقط الشعر… عندما خسرت شعري، كان من الصعب جدًا تقبّل شكلي الخارجي الجديد… نحن بشر، وضعفاء، لكن ربّنا ينتشلنا من ضعفنا البشريّ عندما نتّكل عليه.
وإذا بي أتذكّر أنني طلبت من الربّ أن يأخذ مني ما يشاء شرط أن يترك ابني إلى جانبي… ربما أنا اخترتُ صليبي من دون علمي… كان الربّ يسوع أكثر كرمًا منّي؛ ترك لي يديّ لأحمل ابني، وقدميّ لأركض وراءه، وعينيّ لأراه، وأذنيّ لأسمعه، وكان غفورًا ورحومًا!
عندما طلبت منه بإيمان نعمة شفاء شربل، استجاب لتضرّعاتي، وربّما أخذ أقلّ ما قد يسبّب لي الأذى، وجعلني هذا الاختبار أتمسّك به، وأشهد بأنه اعتنى بي، وحمى ابني”.
شعرت بيده تنتشلني من ضعفي
وترفع زلفا الشكر إلى الربّ قائلة: “أحمد الله على كلّ نعمه: النعم الكبيرة، واللحظات التي شعرت فيها بيده تنتشلني من ضعفي، والصليب الذي حملته وقابلته نقاط قوّة كثيرة منحني إياها لأتمكّن من حمله…
أشكره على أولادي وزوجي وعائلتي، والصحّة التي منحنا إيّاها، والأجواء العائليّة التي نتنعّم بها، والدعم الذي قدّمته لي عائلتي، والتنمّر الذي تعرّضت له لأنه مدّني بالقوّة، وكان بمنزلة الحجارة التي وقفت فوقها لأعلو وأحقّق ذاتي…
أشكر الربّ على كل الأشخاص الذين التقيتهم في حياتي، وقدّموا لي الدعم، ونعمة الثبات في الإيمان الذي يصبح أكثر صلابة مع مرور الأيام، والرغبة الدائمة في مساعدة الآخر، فيشعر بأن الربّ هو الملجأ الأوّل والأخير والقادر على انتشال الخوف من الأعماق”.