البابا فرنسيس
عمل الروح القدس المقدِّس يظهر في كلمة الله والأسرار المقدّسة، وأيضًا في الصلاة.
الروح القدس هو في الوقت نفسه الذي يصلّي فينا وهو موضوع الصلاة المسيحيّة، أي هو الذي يعطينا أن نصلّي، والصلاة تعطينا إيّاه. نحن نصلّي لكي ننال الروح القدس، ونناله لكي نصلّي حقًّا، أي نصلّي صلاة أبناءٍ لله لا صلاة عبيد.
أوّلًا، يجب علينا أن نصلّي لننال الروح القدس…
الصلاة هي «القدرة» الوحيدة التي لنا على روح الله. على جبل الكرمل، كان أنبياء بعل الكذبة يصيحون لتنزل النار من السماء على ذبيحتهم، ولم يحدث شيء لهم. لكن عندما بدأ إيليّا يصلّي، نزلت النار وأحرقت الذبيحة (راجع 1 ملوك 18: 20-38). الكنيسة تتبع هذا المثال بأمانة: فهي تتضرّع دائمًا وتقول «تعال!» كلّما توجّهت إلى الروح القدس، وبخاصّة في القدّاس ليحلّ مثل الندى ويقدّس الخبز والخمر في الذبيحة الإفخارستيّة.
وهناك جانب آخر وهو أهمّ وفيه تشجيع أكثر لنا: الروح القدس هو الذي يعطينا الصلاة الحقيقيّة. القديس بولس يؤكد أنّ «الرُّوحَ أَيْضًا يَأتي لِنَجدَةِ ضُعْفِنَا لأَنَّنَا لا نُحْسِنُ الصَّلَاةَ كما يَجِب، وَلَكِنَّ الرُّوحَ نَفسَه يَشفَعُ لَنا بِأَنَّاتٍ لا تُوصَف. والَذِي يَختَبِرُ القُلُوبَ يَعْلَمُ ما هو نُزوعُ الرُوحِ، فإِنَّه يَشفَعُ لِلقِدِّيسينَ بِما يُوافِقُ مَشِيئَةَ الله” (روما 8: 26-27).
صحيح أنّ الروح القدس يأتي لمساعدتنا في ضعفنا، لكنّه يصنع ما هو أكثر وأهمّ: هو يَشْهَدُ بأنّنا أبناء الله ويجعلنا نصرخ: “أَبَّا، يا أَبَتِ!” (روما 8: 15؛ غلاطية 4: 6). ليست الصلاة المسيحيّة مثل الشخص الذي يتكلّم من أحد طرفَي الهاتف إلى الله في الطّرف الآخر، لا، بل الله هو الذي يصلّي فينا! ونحن نصلّي إلى الله بحضور الله فينا.
في الصلاة بالتحديد يظهر الروح القدس لنا مثل «المُؤَيِّد»، أي المحامي والمدافع عنّا. هو لا يتّهمنا أمام الآب، بل يدافع عنّا. نعم، هو يدافع عنّا ويقنعنا بأنّنا خطأة (راجع يوحنا 16: 8)، ويقوم بذلك ليجعلنا نتذوّق فرح رحمة الآب، لا ليسحقنا بشعورٍ عقيمٍ بالذنب. وحتى عندما يوبّخنا قلبنا على شيءٍ ما، هو يذكّرنا بأنّ «اللهَ أَكبَر مِن قَلْبِنا» (1 يوحنا 3: 20).
الروح القدس يشفع لأجلنا، ويعلّمنا أيضًا أن نشفع بدورنا للإخوة، ويعلّمنا صلاة الشفاعة. هذه الصلاة بشكلٍ خاص مرضيّة لدى الله لأنّها مجّانيّة ونزيهة. قال القديس أمبروزيوس إنّه عندما يصلّي كل واحدٍ من أجل الجميع، يحصل أنّ الجميع يصلّون لكل واحد، وتصير الصلاة متعدّدة. هكذا هي الصلاة. وهذه مهمّة ثمينة وضروريّة في الكنيسة، وبخاصّة في هذا الوقت للتحضير لليوبيل: أن نتّحد مع المُؤَيِّد الذي «يشفع لنا جميعًا بحسب مشيئة الله».
ليساعدنا الروح القدس في الصلاة، فنحن في أمس الحاجة إليه!
المصدر: فاتيكان نيوز
مقتطفات من كلمة البابا فرنسيس في المقابلة العامّة الأسبوعيّة (6 تشرين الثاني 2024)