سمر حنا سعاده
لبنانيّة أنا، رأيت في عدم الاعتراض على مجريات الأحداث -أقلّه بالكلمة- طعنًا لروح الانتماء.
لا أدري كيف أصف ما يجري: أيادٍ تصافحت، ونفوس دنيئة تعانقت لنحر الوطن والشعب، ولتغدو أدوات للغدر والأذيّة. حروبٌ متعدّدة الأوجه تُشنّ على بشر مكبّلين، تسرق أحلامهم ومكتسباتهم وطمأنينتهم بشتّى السبل. مجتمع منقسم: رابحون وخاسرون؛ الرابح يحصد الكثير عن غير وجه حقّ، والخاسر يفقد الكثير وتُقوّض قدراته، وليس من أحد يمنع واقعة ظلم غير مسبوقة. رقٌّ مستتر لا يبادر أحد إلى إيقافه.
يهولني هذا الصمت المريب! أين المجتمع المحلّي والعربي والدولي؟ أين حماة حقوق الإنسان؟ كيف نوقف ما حُبِكَ ودُبّر لهذا الوطن وهذا الشعب الطيّب؟ كيف نُغلق أبواب المآسي المشرّعة؟ هل نعجز عن درء ما هو داهم؟ هل نحن شعب سهل السقوط؟ كيف نتعاون لنصرة المجتمع؟
خنقني الصمت، فلا بدّ من القول إنّ كل قادر على المساعدة في هذا الظرف المرير يقف متفرّجًا متلكّئًا هو شريكٌ في هذا الإثم العظيم!
يكبر الوطن ويصغر بحسب أعمال أبنائه، فعارٌ أن يُذلّ شعب بهذه اللامبالاة، وعارٌ أن تغدر الأرض بمن ينتمون إليها!
في هذا السياق، أودّ أن أستشهد بإنجيل لوقا (16: 19-33) الذي يروي عن غنيّ كان يرتدي الثياب الفاخرة ويقيم الولائم تلو الأخرى، وفقير يُدعى لعازر كان يرتمي على بابه، ولم يحصل يومًا على الفتات المتساقط عن موائده. وبعد موتهما، نظر الغنيّ من جحيمه إلى لعازر المتنعّم في الحياة الأبديّة، فاشتهى لو يبلّ طرف إصبعه ويبرّد له لسانه لكنّه لم يحصل على مراده.
إنّ العظماء والسلاطين والملوك والفاتحين وحتّى الأنبياء رحلوا، فلنحرص -وإن ربحنا في الحياة الفانية- على عدم خسارة الحياة الأخرى الخالدة إلى الأبد. آمين.