البابا فرنسيس
في الطريق إلى ملء الحياة الذي نسير فيه، وهذا مصير كل إنسان، يجد المسيحي عونًا خاصًّا من الروح القدس، روح يسوع. هذا العون يتحقّق بثلاث فضائل أخرى، مسيحيّة، وقد ورد ذكرها مرارًا معًا في كتابات العهد الجديد.
هذه المواقف الأساسيّة التي تميّز حياة المسيحي هي الإيمان والرجاء والمحبّة. وسرعان ما أطلق عليها الكتّاب المسيحيّون اسم «الفضائل الإلهيّة الثلاث» لأنّنا نستقبلها ونعيشها في علاقة مع الله لتمييزها عن الفضائل الأربع الأخرى التي يُطلق عليها اسم «الفضائل الرئيسيّة»، باعتبارها تشكّل «محور» الحياة الصالحة.
الفضائل الإلهيّة الثلاث نلناها في المعموديّة وقد وهبها لنا الروح القدس. الفضائل الإلهيّة الثلاث والفضائل الرئيسيّة الأربع، كانت كلّها موضوع دراسات منهجيّة عدّة، كوّنت مجموعة سباعيّة رائعة، تعارض قائمة الخطايا السبع الرئيسيّة.
التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيّة يعرّف عمل الفضائل الإلهيّة كما يلي: «إنّها تكوِّن وتحرِّك وتميِّز العمل الأخلاقي المسيحي. وتعطي الفضائل الأدبيّة صورتها وتحييها. والله يفيضها في نفوس المؤمنين ليجعلهم قادرين على أن يسلكوا كأبنائه، ويستحقوا الحياة الأبديّة. إنّها عربون حضور الروح القدس وعمله في قدرات الإنسان» (رقم 1813)…
الخير ليس فقط غاية، بل هو أسلوب في العمل أيضًا. الخير يحتاج إلى تكتّم كثير، ولطف كثير. الخير يحتاج خاصّة إلى أن نجرّد أنفسنا من ذلك الحضور المزعج أحيانًا وهو «الأنا». عندما يكون «الأنا» محور كل شيء، فهو يؤدّي إلى خراب كل شيء. إن كان كل عملٍ نقوم به في حياتنا نقوم به من أجل أنفسنا فقط، فهل يستحق فعلًا أن نسعى إلى عمله؟ «الأنا» البائس يتسلّط على كل شيء، وهكذا تتكوّن فينا الكبرياء.
حتى نصحّح كل هذه الأوضاع التي تصير أحيانًا متعبة لنا، الفضائل الإلهيّة هي العون الكبير لنا. إنّها عونٌ خصوصًا في لحظات السقوط لأنّه حتى الذين لديهم نيّات أخلاقيّة صالحة يسقطون أحيانًا. كلّنا نسقط في الحياة لأنّنا كلّنا خطأة. كذلك الذين يمارسون الفضيلة يوميًّا يخطئون أحيانًا: ليس العقل دائمًا بصيرًا، وليست الإرادة دائمًا ثابتة، ولا الأهواء دائمًا منضبطة، ولا الشجاعة تتغلّب دائمًا على الخوف. لكن إن فتحنا قلبنا للروح القدس -المعلّم في داخلنا-، فإنّه يحيي فينا الفضائل الإلهيّة: فإذا فقدنا الثقة، فتح الله قلبنا للإيمان من جديد -بقوّة الروح القدس-، وإذا أصابنا اليأس، بعث فينا الرجاء من جديد، وإذا تصلّب قلبنا، ليّنه الله بمحبّته.
المصدر: فاتيكان نيوز
مقتطفات من كلمة البابا فرنسيس في المقابلة العامّة الأسبوعيّة (24 نيسان 2024)