باسمة بو سرحال
تركتُ كل شيء، وتبعتُ مسيحي. حملتُ مسبحتي وصلّيت على الطرقات وفي المغاور والمناسك والكنائس، ففاضت السماء عليَّ بخيراتها. أنا القديس فرنسيس الأسيزي، وهذه قصّتي مع يسوع.
———————————————————-
منذ العام 1181 حتى يومنا الحالي، تحوّلت بلدة أسيزي الإيطاليّة إلى قبلة أنظار العالم إذ إنّها مسقط رأس قديسٍ أغنى الكنيسة بروحانيّة قلّ نظيرها.
هذا القديس هو فرنسيس الأسيزي الذي وُلِدَ وسط عائلة ثريّة، وعاش في شبابه حياة ترف وبذخ، لكن الإنجيل بدّل حياته.
«إذا أردتَ أن تكون كاملًا، اذهب وبِعْ كل ما تملك، ووزّعه على الفقراء، فيكون لك كنز في السماوات، وتعال اتبعني (متى 19: 21)»، استجاب فرنسيس لهذه الدعوة التي وجّهها يسوع إلى الغني، بحسب ما ورد في الكتاب المقدّس. وراح ينفق المال على الفقراء، ويهتمّ بالمرضى والبرص ويرمّم الكنائس، ما أثار غضب والده الذي طلب من أسقف المدينة حينها أن يكون حَكَمًا بينهما. لكن فرنسيس أصرّ على موقفه، معلنًا أنّه سيكون خادمًا للربّ. عندها، بثيابٍ رثّة، انطلق بتواضعِ في رسالته وجولاته التبشيريّة حيث انضمّ إليه شبّانٌ كثيرون، مقتدين به ومتسلّحين بأعمال الرحمة.
عام 1210، وافق البابا إنوشينسيوس الثالث على الرهبنة الفرنسيسكانيّة الأولى «الإخوة الأصاغر» بعد لقاء مع فرنسيس ورفاقه.
في العام 1212، تأثرت القديسة كلارا بأعمال فرنسيس وتضحياته في سبيل الآخرين، وقرّرت أن تعيش فضيلة الفقر. وهكذا، نشأت الرهبنة الفرنسيسكانيّة الثانية أو راهبات القديسة كلارا.
فرنسيس، غالبًا ما يُصَوَّرُ مرتديًا ثوبًا طويلًا بنّي اللون مع حبل حول خصره بثلاث عقد ترمز إلى الالتزامات الفرنسيسكانيّة المتمثّلة في الفقر والعفّة والطاعة، كتب في العام 1214 نشيد المخلوقات الذي يُعْتَبَرُ أحد الوثائق الأكثر أهمّية في تاريخ الأدب الإيطالي ويدعو فيه جميع الكائنات إلى تسبيح الخالق.
في 17 أيلول 1224، بدأ فرنسيس صومًا لأربعين يومًا في جبل فيرنا في منطقة توسكانا الإيطاليّة، نال إثره نعمة سمات المسيح المصلوب في يديه ورجليه وجنبه.
فرنسيس الذي فَقَدَ بصره بسبب المرض، طلب من إخوته الرهبان أن يضعوه في كنيسة سيّدة الملائكة في أسيزي عاريًا على الأرض، على مثال المسيح الفقير والمصلوب. وقد انتقل إلى جوار ربّه في 4 تشرين الأوّل 1226.
في العام 1228، أعلن البابا غريغوريوس التاسع فرنسيس الأسيزي قديسًا.
تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بتذكار القديس فرنسيس الأسيزي في 4 تشرين الأوّل من كل عام، سائلةً شفاعته من أجل إحلال السلام في العالم وتعزيز روح التواضع والاهتمام بالفقراء والطبيعة.
———————————————————-
أيها القديس فرنسيس الأسيزي، نردّد معك اليوم: «يا ربّ، استعملنا لسلامك، فنضع الحبّ حيث البغض، والمغفرة حيث الإساءة، والاتّحاد حيث الخلاف، والحقيقة حيث الضلال، والإيمان حيث الشكّ، والرجاء حيث اليأس، والنور حيث الظلمة، والفرح حيث الكآبة».