“الصلاة هي السبيل لكي نسمح لله بأن يعمل فينا، ونفهم ما يريد أن ينقله إلينا حتى في أصعب المواقف، لكي تكون لدينا القوّة للمضي قدمًا”. هذا ما أكده البابا فرنسيس في كلمته الموجّهة إلى المؤمنين في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان.
وقال الأب الأقدس: بعد حوالي ثلاثين عامًا من العيش في الخفاء، لم يُقدِّم يسوع نفسه بواسطة معجزة ما أو من خلال التعليم، وإنما اصطف مع الشعب وذهب لينال المعموديّة من يوحنا. هو يشترك في مصيرنا نحن الخطأة، وينزل إلينا: ينزل في النهر كما في تاريخ البشريّة الجريح، ويغوص في مياهنا لكي يشفيها. هو لا يرتفع فوقنا بل ينزل إلينا.
ودعا البابا فرنسيس إلى التوقّف عند نقطة مهمّة: اللحظة التي نال فيها يسوع المعموديّة، يقول النصّ إنه “كان يصلّي”. سيفيدنا أن نتأمّل في هذا الأمر: يسوع يصلّي. ولكن كيف؟ هو الربّ ابن الله هل يصلّي مثلنا؟ نعم، إنّ يسوع -تكرّر الأناجيل مرّات عديدة هذا الأمر- يقضي الكثير من الوقت في الصلاة: في بداية كل يوم، وغالبًا في الليل، وقبل اتخاذ قرارات مهمّة… صلاته هي حوار حيّ، وعلاقة مع الآب. وهكذا، يمكننا أن نرى في إنجيل اليوم “هاتين اللحظتين” في حياة يسوع: من ناحية، ينزل إلينا، في مياه نهر الأردن. ومن ناحية أخرى، يرفع نظره وقلبه فيما يصلّي إلى الآب.
وأضاف الحبر الأعظم: إنه تعليم عظيم لنا: نحن جميعًا منغمسون في مشاكل الحياة وفي العديد من المواقف المعقّدة، ومدعوون إلى مواجهة لحظات وخيارات صعبة تُحبطنا. لكن إذا لم نرغب في أن تمتصّنا المشاكل وتسحقنا، نحن بحاجة لأن نرفع كلّ شيء نحو العُلى. وهذا ما تفعله الصلاة التي ليست هروبًا من المشاكل، ولا طقسًا سحريًّا أو تكرارًا لترانيم حفظناها عن ظهر قلب. لا! الصلاة هي السبيل لكي نسمح لله بأن يعمل فينا، ولكي نفهم ما يريد أن ينقله إلينا حتى في أصعب المواقف، لكي تكون لدينا القوّة للمضي قدمًا. إنّ الصلاة تساعدنا لأنها توحّدنا بالله، وتجعلنا ننفتح على اللقاء معه. نعم، الصلاة هي المفتاح الذي يفتح قلوبنا للربّ. إنها الحوار مع الله، والإصغاء إلى كلمته، إنها سجود وعبادة: أن نمثل أمامه بصمت ونسلّمه ما نعيشه. وأحيانًا تكون أيضًا صراخًا إلى الله على مثال أيّوب، وأسلوبًا لكي ننفّس عن غضبنا معه.
وأكد الأب الأقدس أن الصلاة “تفتح السماء”: إنها تعطي الأوكسيجين للحياة، ونفسًا حتى في خضمّ المشاكل وتجعلنا نرى الأشياء على نطاق أوسع. ولكنها تسمح لنا بشكل خاصّ بأن نقوم بخبرة يسوع عينها في نهر الأردن: هي تجعلنا نشعر بأننا أبناء الآب المحبوبون لأن الآب يقول لنا نحن أيضًا، عندما نصلّي إليه، كما يقول ليسوع في الإنجيل: “أنت ابني الحبيب”. و”كوننا أبناء” قد بدأ في يوم العماد الذي جعلنا نغوص في المسيح وجعلنا أبناء الآب المحبوبين. فلا ننسينَّ أبدًا تاريخ معموديّتنا!
وتابع الحبر الأعظم: لنسأل أنفسنا اليوم: كيف تسير صلاتي؟ هل أصلّي من باب العادة، على مضض، فقط من خلال تلاوة بعض الصيغ أم أنّ صلاتي هي اللقاء مع الله؟ هل أنمّي علاقة حميمة مع الله، وأتحاور معه، وأصغي إلى كلمته؟ من بين الأشياء العديدة التي نقوم بها في يومنا، دعونا لا نُهملنَّ الصلاة أبدًا ولنخصّص لها وقتًا ونستخدم تضرّعات قصيرة يمكننا أن نكرّرها غالبًا، ولنقرأ الإنجيل يوميًّا.
وخلص البابا فرنسيس إلى القول: نرفع صلاتنا إلى مريم، العذراء المصلّية التي جعلت من حياتها نشيد تسبيح لله.
ترجمة: فاتيكان نيوز