باسمة بو سرحال
تركتُ كل شيء وقصدتُ البراري كي أناجي ربّي بصمت. بنيتُ الأديار، الواحد تلو الآخر لاحتضان الرهبان الذين شاركوني إيماني بسيّد العالم. أنا أبو الرهبان، أنا مار أنطونيوس الكبير، وهذه قصّتي مع يسوع المسيح.
———————————————————-
وُلِدَ أنطونيوس حوالى العام 251 من أبوين مسيحيين تقيّين.
بعدما توفّي والداه، أعطى شقيقته حصّتها من الميراث، وباع ممتلكاته ووزّع ثمنها على الكنائس والفقراء. ثم انطلق في رحلة التأمّل بعظمة الخالق، وأمضى معظم وقته في الصلاة.
عاش قرابة عشرين عامًا في الصحراء، ناسكًا، مناجيًا الربّ. كان طعامه اليومي عبارة عن قطعة من الخبز الجاف والقليل من الملح والماء.
قصده المؤمنون من كل حدب وصوب، وبنى الأديرة على ضفاف النيل، بعدما أصبح معلّمًا لعدد كبير من التلامذة، فانتشرت المسيحيّة في ذاك الزمان وكثرت الدعوات الرهبانيّة.
«الشيطان ضعيف أمام الصوم والصلاة وإشارة الصليب»، كلامٌ ردّده القديس أنطونيوس الذي جسّد في حياته إيمانًا صلبًا لا يتزعزع. وقد أنعم الله عليه بشفاء المرضى وطرد الشياطين.
عام 311، في زمن اضطهاد المسيحيين، قصد أنطونيوس الإسكندريّة حيث رافق المسيحيين إلى المحاكم، مشجّعًا إيّاهم على الثبات في إيمانهم. ووقف إلى جانبهم في مواجهة الصعاب، ولا سيّما في عهد الإمبراطور ديوقلسيانوس. كما ساند تلميذه أثناسيوس في مقاومته للآريوسيين الذين أنكروا ألوهيّة المسيح.
انتقل القديس أنطونيوس إلى الحياة الأبديّة في منتصف القرن الرابع (17 كانون الثاني 356) عن مئة وخمسة أعوام، بحسب مؤرّخي الكنيسة.
على اسمه، شُيّدت كنائس وأديرة في بلدان عدّة منها لبنان، حيث يفوح من وادي قاديشا أريج إيمان جبّار قلّ نظيره، ويحتضن دير مار أنطونيوس قزحيّا التاريخي النسّاك وآلاف المؤمنين الطالبين شفاعته.
تحتفل الكنيسة الجامعة بتذكار القديس أنطونيوس الكبير في 17 كانون الثاني من كل عام، طالبةً شفاعته من أجل الثبات في الإيمان وسط تجارب العالم، والتحرّر من قيود الخطيئة، والسير على درب القداسة والفضائل.
———————————————————-
أيها القديس أنطونيوس الكبير، أنتَ الذي ملكتَ قلوب الناس والعظماء والملوك، تشفّع لنا لدى ملك المجد يسوع المسيح كي يخلّص نفوسنا، ويقوّي إيماننا، فننشر طيب المسيح بأمانة إلى الأبد.