باسمة بو سرحال
لم أسجد للأصنام يومًا، فكان عقابي السيف المصلت على عنقي، لكن مخلّصي رفع روحي وقادني إلى عَلُ حيث لا ظلم ولا ضغينة، بل حبّ سرمدي. أنا القديسة بربارة، وهذه قصّتي مع يسوع المسيح.
———————————————————-
من أبوين وثنيَّيْن، وُلِدَت بربارة في أوائل القرن الثالث في مدينة نيقوميديا (تركيا الحاليّة) حيث عاشت في زمن الملك مكسيميانوس، وكانت وحيدة أهلها ورائعة الجمال. والبعض يقول إنّها أبصرت النور في مدينة بعلبك الفينيقيّة.
من خلال خدّامها وأساتذتها المسيحيين، تعرّفت على الإله الحقيقي، فنذرت حياتها له وتعمّدت من دون معرفة عائلتها، هي التي عاشت داخل برج أبيها الحصين بعدما توفيت والدتها وهي صغيرة. وشاءت العناية الإلهيّة أن تتعرّف على المعلّم فالنتيانوس الذي شرح لها أسرار الديانة المسيحيّة.
طلب الكثيرون من والدها الغنيّ ديوسقورس التقرّب منها للزواج لكنها رفضت دومًا، مؤكدة حبّها العميق ليسوع المسيح.
دفع الغضب والدها إلى حمل السيف لضربها، فركضت مسرعةً باتجاه الحقول القريبة من القصر، لكن صخرة أعاقت طريقها، فانشقّت لتعبر في وسطها، قبل أن تعود إلى ما كانت عليه سابقًا. لكن والدها عثر عليها داخل مغارة، فأعادها إلى القصر ووضعها في قبوٍ مظلم. بعد ذلك، أخذها إلى الحاكم الذي وعدها بمكافآت كثيرة في حال سجدت للأصنام. لمّا رفضت، أمر بتعذيبها ووضعها في السجن.
وتذكر رواية أخرى أنّ أحد الرعاة تعرّف على بربارة لدى هروبها في البراري من يديها الجميلتين وعينيها الثاقبتين. لذلك، تقول الأغنية الفولكلوريّة: «هاشلة بربارة مع بنات الحارة، عرفتها من عينيها ومن لمسة إيديها ومن هاك الإسوارة».
ويروي آخرون أنّها مرّت في حقل مزروع بالقمح، وحاولت إخفاء ملامح وجهها عن أبيها بتلوينه بالفحم الأسود.
حبُّها ليسوع جعل بربارة تتحمّل كل الشدائد بفرح لا يوصف، فظهر لها وشفاها من كل جراحات التعذيب. فوجئ الحاكم بحالتها الجسديّة وصلابتها الروحيّة، فأمر بجلدها بوحشيّة، لكنها لم تأبه لظلمه، وظلّت متمسّكة بإيمانها الجبّار الذي لا يتزحزح. عندها، طلب والدها من الوالي قطع رأسها بسيفه، فنالت إكليل الشهادة في أوائل القرن الرابع.
تحتفل الكنيسة الجامعة بعيد القديسة بربارة في 4 كانون الأوّل من كل عام، ودُعِيَت شفيعة المصابين بالأمراض الوبائيّة، وأصحاب المهن الخطرة إذ إنّ عمّال المنجم التشيليّون الذين حوصروا تحت الأنقاض لأكثر من شهرين عام 2010 أعلنوا بعد انتهاء عمليّات إنقاذهم أنّهم طلبوا شفاعة القديسة بربارة.
———————————————————-
أيتها القديسة بربارة العظيمة في الشهيدات، ساعدينا كي نتحلّى بشجاعتك ونسير على خطاك، فنتمسّك بإيماننا جهارًا، ونمجّد اسم يسوع إلى الأبد.