كلود حداد
من 1991 حتى 2006، خمس عشرة سنة كانت كافية ليُقدِّم كارلو أكوتيس شهادةً مسيحيّة مميّزة غذّتها قوّة الصلاة والعلاقة المباشرة مع الربّ والارتقاء إلى إرادته وعبادته في القربان المقدّس الذي كان «طريقه السريع إلى السماء»، بحسب قوله.
شابٌ عصريّ مجتهد عُرِفَ بطيبته وابتسامته ومحبّة رفاقه الذين شاطرهم حماسه لكرة القدم ومحبّته للحيوانات وشغفه وإلمامه المدهش بالمعلوماتيّة. على الرغم من ذلك، لم يتردّد هذا الشاب اللطيف في جعل تعاليم إنجيله تتجلّى في تفاصيل حياته اليوميّة: «أن أتّحد بيسوع، هذا هو برنامج حياتي». لم تكن الصلاة واجبًا بل حاجة بالنسبة إليه، فتفانى في العبادة والسجود، ونَعِمَ بفرح الله على الرغم من معاناته الطويلة من مرض سرطان الدم، فقال: «أنا سعيد بالموت لأنني لم أضيّع دقيقة واحدة بأشياءٍ لم تُرْضِ الله»، لقناعته بأننا «لطالما كُنّا مُنتَظَرِين في السماء».
كثيرون أُعجبوا به وساروا برفقته وعلى خطاه لأنه كان منارةً تضيء درب المراهقين الذين ضلّلتهم وسائل الإعلام والإفراط في استعمال التطبيقات والألعاب الافتراضيّة والأفكار التي نقلتها إليهم التكنولوجيا الحديثة، فكثرت تساؤلاتهم، ما جعلهم يتردّدون ويشكّون في الحقائق.
استعمل كارلو ما أُعطي له لنشر عبادة الله، فاستغلّ معرفته الواسعة بالمعلوماتيّة لخلق مواقع على الإنترنت لرعيّته ومدرسته، وموقع «عجائب الإفخارستيا» الذي عمل عليه لمدّة سنتَيْن، مجريًا أبحاثًا لعرض 136 أعجوبة إفخارستيّة سبق أن اعترفت بها الكنيسة ووثّقتها بالصور والنصوص. وهذا الموقع انتشر في القارّات الخمس واعتمدته عشرة آلاف رعيّة في الولايات المتحدة ولورد وفاطمة وغوادالوبي.
عبّر كارلو أمام رفاقه بكل جرأة ومن دون خجل عن محبّة الربّ وأمّه مريم العذراء، فكرّمها وقال إنها «سيّدة حياته الوحيدة»، وكان مقتنعًا بأن كل مراهق قادر على أن يصبح شاهدًا للإنجيل، فالإنسان مميّز في نظر الله وليس «صورة مستنسخة» بحسب قوله، و«يجب أن تكون البوصلة هي كلمة الله»، وللوصول إليها هناك وسائل خاصّة: الأسرار والصلاة.
إن شهادة حياة كارلو أكوتيس الذي أُعلن طوباويًّا في 10 تشرين الأوّل 2020 لم تكن فقط حافزًا للمراهقين والشباب، لكنها ألهمت الكبار والكهنة والمربّين في ما خصّ كيفيّة نقل خبراتهم ومعرفتهم المتعلّقة بالتنشئة الشبابيّة والمسيحيّة في مجتمعنا اليوم إذ يسعى الجميع إلى عيش الفرح بكل الوسائل المُتاحة. إن السعادة، في نظر المراهق الطوباوي هي «النظر إلى الله بينما الحزن هو النظر إلى أنفسنا فقط»، فعسى أن ننظر إلى العلى حيث السعادة الإلهيّة في انتظارنا.