غيتا مارون
“صلاة الإيمان تشفي المريض، والربّ يقيمه” (يع 5: 15).
تبارك الله في قديسيه، هو من يفيض علينا بالشفاءات الجسديّة والروحيّة، ويكلّمنا بشتّى الوسائل الممكنة، ويجذبنا إلى قلبه حيث نختبر السلام الحقيقي.
الإعلامي نيشان دير هاروتيونيان، الذي برع في تقديم البرامج التلفزيونيّة في لبنان والعالم العربي، ينقل إلينا اختباره ونعمة الشفاء التي نالها بشفاعة القديسة ريتا التي لم يكن يعرف عنها شيئًا…
إليكم ما حصل معي في التسعينيّات…
في العام 1990، كنت أدرس مستلقيًا على السرير، وإذا بي أنظر إلى قدمي، فأرى بقعًا حمراء قد غطّتها… اعتقدت للوهلة الأولى أنها مجرّد حساسية.
عند التاسعة مساء، امتدّت هذه البقع إلى مستوى الركبة. بعد منتصف الليل، لاحظت أن كرات دم صغيرة غطّت فمي أيضًا؛ ظننت أنني ربّما أكلت نوعًا معيّنًا من الأطعمة سبّب لي هذه الحساسية.
استيقظ أهلي، وأخبرتهم بما حصل معي، ورأوا فمي مغطّى بكرات الدم… انتظرنا ساعة قبل الذهاب إلى المستشفى.
بعد معاينة الطبيب، أخبرني بأنني أعاني من تسمّم من جرّاء تناول الأدوية. بقيت على هذه الحالة على مدى حوالي أربعة أيّام.
من ثمّ، قصدت طبيبًا مشهورًا في الجامعة الأميركيّة في بيروت -اختصاصيّ في الأمراض السرطانيّة والدم- وخضعت للفحوصات اللازمة؛ الدم مكوّن من الكريات الحمراء والبيضاء والصفيحات التي يجب أن يتراوح عددها بين 150.000 و450.000 صفيحة في المليمتر المكعّب، وكانت النتيجة: عدد الصفيحات في دمي بلغ 8.000 صفيحة.
قال الطبيب لأهلي: من المستحيل أنه ما زال على قيد الحياة! مضيفًا: إذا لم يتجاوب جسمه مع الدواء، لن يعيش إلا ثلاثة أشهر.
سمعتُ ما قاله الطبيب… بحثت في الموسوعة الطبيّة، وقرأت معلومات متعلّقة بالمرض الذي كنت أعاني منه: نقص حاد في صفيحات الدم يصيب واحدًا في المليون في العالم، وتبلغ نسبة الوفاة من جرّاء الإصابة به 95%…
لا أمل في شفائي
اقترحت عليّ أختي قراءة كتاب أعطتني إيّاه صديقتها، لكن شدّة ألمي ومعاناتي من النزيف لم تسمحا لي بالاستجابة لاقتراحها، فأخذت الكتاب ورميته.
غرقتُ في بحر الآلام والدموع: “أنتم لا تستطيعون تصوّر مقدار ألمي!”…
في الليل، كنت أخاف من النوم، ومن أن يسرقني الموت بغتة، وأقول في نفسي: يجب أن أظل مستيقظًا، وأتنفّس…
في تلك الليلة، اخترت من مكتبتنا كتابًا مفتوحًا، ونظرت إلى الغلاف الذي يُظهر سيّدة ترتدي الأسود، ويحمل العنوان الآتي: “القديسة ريتا دي كاسيا”… لم أفهم ما كُتب بعد الاسم… رغبت في الصلاة والتعرّف إلى محتويات هذا الكتاب.
قرأت الكتاب الذي يسلّط الضوء على قصّة القديسة ريتا، واكتشفت أنها بطلة خارقة ضحّت بزوجها وأولادها.
فقلت في نفسي: هل أصدّق أم لا؟ أغلقت الكتاب، وقلت للقديسة ريتا: ليس لدي الكثير من الوقت كي أبقى على قيد الحياة. لا يمكنني أن أصلّي لك تساعية. هل تقبلين أن أصلّي لك 9 صلوات كل يوم؟!… كنت مؤمنًا بما أقوله، واتّفقت مع القديسة ريتا، طالبًا منها التدخّل.
أكملت إجراء الفحوصات، ولم يكن هناك من أمل في شفائي.
في يوم الخميس، قال لي الطبيب: اسمع يا نيشان! أنت انسان ناضج، إذا لم يرتفع عدد الصفيحات في دمك الاثنين المقبل، سنضطر إلى استئصال الطحال وجزء من الكبد.
حينئذٍ، توجّهت إلى القديسة ريتا، وطلبت شفاعتها، قائلًا: لا أريد أن أموت باكرًا!
أهدتني وردة وشُفيت!
أطلّ الاثنين الذي حمل معه الخبر المنتظر…
توجّهت إلى الجامعة الأميركية باكرًا، عند الساعة 6.30 صباحًا، لأجري فحص الدم، برفقة أهلي. سألني الطبيب إذا ما كنت قد تناولتُ دواءً جديدًا في خلال نهاية الأسبوع، وطلب إجراء فحص دم آخر.
وبعد نصف ساعة، أعلمني بالخبر السار: بلغ عدد صفيحات دمي 250.000، وأردف قائلًا: إذا بقيت على هذا الحالة حتى الأربعاء، فهذا يعني أنك بخير! عندئذٍ، سألته: هل أُشفى؟ وأتتني الإجابة المنتظرة: لقد شفيت! لا تشكو من أيّ شيء!
بعد مرور يومين، وصل عدد صفيحات الدم إلى 450.000 صفيحة حتى اليوم.
عدتُ إلى ذلك الحلم: حلمت بسيّدة ترتدي الأسود، وعندما استيقظت من النوم، قلت في نفسي: ربما هي القديسة ريتا… نظرت إلى صورتها في الكتاب، وقلت لأهلي: ليست ريتا.
بعد أيّام عدّة، علمت بأنهم سيجلبون تمثالًا جديدًا للقديسة ريتا إلى الكنيسة التي تحمل اسمها في حرش تابت… قصدت الكنيسة، وعندما رأيت التمثال، أخبرت أهلي بأنها المرأة التي رأيتها في الحلم!
في حلمي، أعطتني وردة على شكل قلب، ونظرتُ إليها لأرى من هي السيّدة التي وهبتني هذه الوردة الحمراء! كم هي رائعة! أخذتها، ونلتُ الشفاء…
أنا تعمّدت بالإيمان مع ريتا، ومنذ اختباري معها حتى اليوم، يزدان مدخل بيتي بصورتها الكبيرة التي أُلقي التحيّة عليها صباحًا ومساءً.
لا أقول لها: القديسة ريتا، وإنما ريتا! هي صديقتي التي ألتجئ إليها دومًا، وما أطلبه منها يتحقّق.
“في ناس بيعملوا فرق بحياتك، ريتا هي كل الفرق!”