تستمرّ مسيرة تعافي البابا فرنسيس بعد العمليّة الجراحيّة التي خضع لها الأسبوع الماضي.
وكان البابا قد دعا قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي ظهر أمس، من الطابق العاشر في مستشفى الجيميلّي حيث يتابع تعافيه، إلى الصلاة من أجل جميع المرضى، ولا سيّما الذين يعانون من ظروف صعبة، ووجوب عدم ترك أحد وحده، وتوفير الإمكانيّة للجميع من أجل نيل مسحة الإصغاء والقرب والحنان والعناية.
وشدّد الأب الأقدس على أهميّة الخدمة الصحيّة الجيّدة كما هو الحال في إيطاليا وبلدان أخرى، وضرورة المحافظة عليها لتكون خدمة صحيّة مجانيّة تضمن خدمة جيّدة في متناول الجميع، وعدم تضييع هذا الخير الثمين.
البابا يوحنا بولس الثاني ومعنى الألم
تعود نظرة المؤمنين مجدّدًا إلى مستشفى الجيميلّي، ذلك المكان الذي اتّجهت إليه مرّات عدّة عندما كان البابا القديس يوحنا بولس الثاني يتابع علاجه فيه.
وإذا بصدى صوته يتردّد ويعود بنا إلى الأحد 17 أيّار 1981 بعد نجاته من محاولة الاغتيال الذي تعرّض لها في ساحة القديس بطرس في 13 من الشهر عينه، قائلًا في رسالة مسجّلة في مستشفى الجيميلّي: “أعلم أن في هذه الأيام، ولا سيّما عند تلاوة صلاة “افرحي يا ملكة السماء”، أنتم تتّحدون معي. أشكركم إذ أتأثَّر لصلواتكم وأبارككم جميعًا. أنا قريب بشكل خاص من الشخصَيْن اللذين جُرحا معي. أصلّي من أجل الأخ الذي أطلق النار عليّ، وأغفر له بصدق. وإذ أتّحد مع المسيح، الكاهن والضحيّة، أقدّم آلامي من أجل الكنيسة والعالم. لكِ يا مريم أكرّر: “أنا لكِ بكلّيّتي”.
كما تحدّث البابا يوحنا بولس الثاني عن معنى الألم الذي يتمتّع بفاعليّة لا مثيل لها من أجل تحقيق المخطّط الإلهي للخلاص عندما يقبل بالاتحاد مع المسيح المتألم، كما قال في الرسالة المسجّلة لصلاة “افرحي يا ملكة السماء” في 24 أيّار 1981.
بقي البابا في المستشفى حتى 3 حزيران لكنه أُجبر على دخوله مجدّدًا من 20 حزيران حتى 14 آب بسبب إصابته بالفيروس المضخّم للخلايا ومن أجل إجراء عمليّة جراحيّة صغيرة.
وفي خلال فترة التعافي الثالثة (12 تمّوز 1992)، تلا البابا يوحنا بولس الثاني صلاة التبشير الملائكي مرّتين من مستشفى الجيميلّي.
وفي 26 تمّوز 1992، أطلّ البابا فويتيلا من نافذة المستشفى.
وفي خلال فترة تعافيه بعد خضوعه لعمليّة جراحيّة بسبب كسر في الفخذ الأيمن في العام 1994، تلا البابا يوحنا بولس الثاني صلاة “افرحي يا ملكة السماء” أربع مرّات من نهاية نيسان حتى 27 أيّار.
مستشفى الجيميلّي… الفاتيكان الثالث
بعد عودته إلى الفاتيكان في 29 أيّار 1994، تحدّث البابا يوحنا بولس الثاني عن معنى الألم مشيرًا إلى ما كان يعيشه بالقول: “لقد فهمت أنّ عليّ أن أُدخِل كنيسة المسيح في الألفيّة الثالثة هذه بالصلاة، بمبادرات مختلفة، لكنني رأيت أن هذا الأمر لا يكفي إذ يجب أن أُدخلها بالألم، بالاعتداء الذي حدث لثلاث عشرة سنة خلت وبهذه التضحية الجديدة”.
من ثمّ، أضاف البابا يوحنا بولس الثاني: “لماذا الآن، لماذا هذه السنة، لماذا في سنة العائلة؟ لأن العائلة مهدّدة، وتتعرّض للهجوم. يجب مهاجمة البابا، وعلى البابا أن يتألّم لكي يتسنّى لكل عائلة وكل العالم أن يرى أن هناك إنجيلًا أسمى: إنجيل الألم الذي يجب أن نُعدَّ المستقبل من خلاله، والألفيّة الثالثة للعائلات، لجميع العائلات”.
بعدئذٍ، أطلّ البابا يوحنا بولس الثاني من نافذة مستشفى الجيميلّي، في 13 تشرين الأوّل 1996، ووصف المستشفى بأنّه الفاتيكان الثالث بعد ساحة القديس بطرس وكاستيل غاندولفو.
أما التاريخ الذي يبقى مطبوعًا في الأذهان والقلوب، فهو 13 آذار 2005 إذ توجّه البابا يوحنا بولس الثاني من نافذة المستشفى إلى المؤمنين بعد ثقب القصبة الهوائيّة ليبارك البشريّة جمعاء التي بقي متّحدًا معها ويحيّيها على الرغم من ألمه.