يُمنع منعًا باتًّا نسخ هذا المقال المنشور عبر موقع “قلم غار” تحت طائلة الملاحقة القانونيّة
غيتا مارون
7 سنوات من البحث المتواصل حملت لـ”غريتا زغبي” علامة نصرها!
نعم، لقد وجدت أهلها البيولوجيين!
كلماتها تراقصت فرحًا عندما أطلعتنا على اختبارها النابض بالتهليل والشكران، بعدما طوت صفحة المعاناة!
تشارك غريتا عبر موقع “قلم غار” حصريًّا تفاصيل مسيرتها ولقائها المحبّب بأهلها البيولوجيين في حين يتكتّم موقعنا عن نشر الكثير منها، نزولًا عند رغبتها.

انطلاق عمليّة البحث
“أنا اليوم غريتا جديدة مختلفة عمّا كنت عليه في الماضي! كنت غير مثابرة ولا أتحلّى بالقوّة لكنني أصبحت قويّة وبطلة بعد هذا الاختبار الصعب”، تخبر غريتا باعتزاز.
“بحثت عن أهلي البيولوجيين حوالى 7 سنوات بعدما اكتشفت أنني لست الابنة البيولوجيّة لكل من منى وجوزيف زغبي، وأن مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي بدّلني بطفلة أخرى وُلدت في الأسبوع عينه.
ساعدني الإعلام في الإضاءة على قصّتي وبات الناس يعرفونني. حصلنا على لائحة تضمّ أسماء أمّهات الأطفال المولودين قبل تاريخ ولادتي وبعده. من هذه النقطة، انطلقت عمليّة البحث عن أهلي”.
هكذا عرفنا شجرة العائلة!
تتابع غريتا: “بعدئذٍ، شجّعني ابني على فتح حساب خاص بي عبر التيك توك، وراح الناس يتواصلون معي، معربين عن تعاطفهم ودعمهم. تعرّفت إلى عالِم جنائي قطري، فأخبرني عن بنك الحمض النووي ووظيفته، وحضّني على إجراء الفحوص اللازمة فيه باعتبارها عاملًا مساعدًا في مسيرة بحثي ومعرفة شجرة العائلة.
بعد سنة من الأبحاث، شعرت بالملل ودفعت أموالًا كثيرة من أجل إتمام الفحوص. كدت أستسلم، ولم أعد أتمكّن من النوم، لكنني لم أخسر إصراري. لقد أراد الربّ أن أجد أهلي…
ساعدني كثيرون، منهم آلان قرقماز الذي كان بمثابة ملاك ساندني، فأعطيته نتائج الفحوص، وبقي سنة ونصف السنة يبحث عن أهلي ويسعى إلى إتمام شجرة العائلة. اتّصلنا بأشخاص كثيرين ودعوناهم إلى إجراء فحوص الحمض النووي.
انضمّت امرأتان أيضًا إلى آلان لمساعدتنا في بحثنا المتواصل، وأسهمت جهود الثلاثة في الوصول إلى النتيجة المرجوّة في خلال 3 أشهر، ونجحت في معرفة شجرة العائلة”.

“وقف قلبي”…
تواصل غريتا سرد اختبارها بفرح لا يوصف، قائلة: “في ليلة الميلاد من كل عام، كنت أطلب من يسوع أن يحقّق لي حلمي، فأجد أهلي.
في الزمن الميلادي من العام الماضي، طلب منّي آلان الاتصال بشابة لأنها من أقربائي، فسألتها أن تجري الفحوص اللازمة بعدما أخبرتها قصّتي. كانت مفاجأتها كبيرة عندما علمت اسم المستشفى الذي وُلدت فيه.
في اليوم التالي المصادف 6 كانون الثاني 2023، تلقّيت اتصالًا من آلان في خلال رشّ شجرة العيد بالماء المباركة قبل توضيبها.
حينئذٍ، طلب منّي الجلوس وسألني جلب لائحة أسماء الأمّهات والنظر إلى 2 أيّار 1977 في حين كنا نبحث في الإطار الزمني الممتد بين 29 نيسان و1 أيّار من العام عينه.
وقال: انظري إلى الاسم الأوّل. أردفت: مَن تحدّثت معها أمس ليست ابنة عمّي! أجاب: إن الشابة التي كنتِ تتحدّثين معها أمس هي أختك!… “وقف قلبي”… وأضاف: لقد وجدنا أمّك وإخوتك!”.
وجدتُ ضالتي!
تعبّر غريتا عن شعورها في تلك اللحظات التاريخيّة: “أجهشت بالبكاء وبتّ أرتجف كورقة خريفيّة وسط العاصفة. اكتشفت الحقيقة، ومفادها أن التبديل حصل بين فتاتين في المستشفى. لديّ أمّ وأب وأختان وأخ أكبر منّي. أنا الابنة الثالثة لعائلة لبنانيّة تقطن في الخارج”.
وتضيف: “عانت عائلتي البيولوجيّة كثيرًا لكنها تعاونت معي بعدما تخطّت شكّها في حقيقة الأحداث. أجرى أفرادها الفحوص التي بيّنت أنني ابنتهم. عندئذٍ، رأيتهم. كانوا مرتعبين منّي. كنت أبادر إلى الاتصال بهم عبر الصوت أو الفيديو. لاحظوا أنني أشبه إخوتي كثيرًا، وسألوني عن تفاصيل جمّة”.
بين منى والأمّ البيولوجيّة
تصف غريتا أمّها البيولوجيّة بأنها حنون لكنها لا تعبّر عن مشاعرها.
أمّا في ما يتعلّق بمن تعتبرها أمّها الحقيقيّة، فتشدّد على أنها “منى من دون منازع”.
وتتابع: “عندما علمت بنتائج فحص الحمض النووي، توجّهت إلى أمّي منى واحتضنتها. كم كانت مؤلمة تلك اللحظات! شعرتُ بأن روحي رحلت عنّي… راحت تقول لي: أنتِ ابنتي!”…

الإيمان قوّتي ويسوع معلّمي
تؤكد غريتا أن الإيمان أساسي في حياتها، مردفة: “أمسك يسوع يدَيَّ ورافقني في مسيرتي. كنت أقول له: أنا لا أعرف ما الذي سأقوم به. أنتَ تعلم مرادي ومصلحتي.
في تلك الفترة الماضية، كان الجميع يطرحون نظريّاتهم. كنت أسمعهم من دون الرغبة في التلفّظ بردٍّ يزعجهم إلى أن قلت لهم: أرجوكم! التزموا الصمت! إن يسوع هو الذي سيعلّمني ما سأفعله…
وهذا ما حصل إذ اجترح الربّ المعجزات في حياتي”.
تضيف غريتا: “تعبت كثيرًا على الصعيد النفسي، ووصلت إلى مراحل صعبة جدًّا. تمسّكت بإنجيلي وواظبت على قراءته يوميًّا، فملأ الاطمئنان نفسي. وتبعت مطالعتي أمور إيجابيّة… كنت أحلم بالقديسين، ولطالما شعرت بأن مريم العذراء رافقتني في اختباري”.
مسيرة وعرة مكلّلة بالمجد
تختم غريتا حديثها عبر موقع “قلم غار” عن اختبارها الأليم المكلّل بالمجد، متوجّهة بكلمة حارّة من صميم قلبها إلى أهلها الذين ربّوها وأهلها البيولوجيين بالقول: “بموت فيكن. بحبّكن…
أحمد الله لأنني ترعرعت في كنف عائلة زغبي إذ ضحّت كثيرًا من أجلي، خاصّة أختي وأخي…
كما أحمد الله على أهلي البيولوجيين الطيّبين. لم يخب ظنّي بهم أبدًا، بل أنا سعيدة بهم كثيرًا…
أنا الآن محظيّة: لدَيَّ أمّان وأبوان”.
كما ترفع غريتا الحمد إلى الربّ، قائلة: “أحمد الله على غريتا، وأشكره لأنه وقف إلى جانبها ولم يتركها أبدًا: في الأحزان والأفراح والطريق الوعرة. أحمده لأنه منحني قوّة خارقة لم أتمتّع بها أبدًا”.