اختتم أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول المطران بول ريتشارد غالاغير زيارته لبنان بسلسلة لقاءات استهلّها بلقاء مفتي الجمهوريّة اللبنانيّة الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى على رأس وفد، في حضور الأمين العام للّجنة الوطنيّة للحوار الإسلامي المسيحي محمد السماك.
وأكد غالاغير بعد اللقاء أن النقاش معه كان إيجابيًّا، ولا سيّما حوار الأديان بين المسلمين والمسيحيين، وأهميّة دورهم في المساهمة في مستقبل البلد ودور المفتي في لبنان والأزمة الحاليّة.
إلى ذلك، التقى غالاغير شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز سامي أبي المنى في دار الطائفة-بيروت.
وبحث المجتمعون في الأوضاع العامة ومستقبل لبنان ولا سيّما الشباب، فنقل غالاغير تطلّع البابا فرنسيس لزيارة لبنان وعقد لقاءات دينيّة مسيحيّة وإسلاميّة، ومدى أثر الزيارة على توجيه الشعب اللبناني نحو الأفضل، واصفًا اللقاء بالودّي والصريح والمنير، مضيفًا: تعلّمنا في خلاله الكثير من أصول هذه الطائفة والتفاعل لسنوات عديدة بين الدروز والمسيحيين ومدى دعمهم لبعضهم البعض. إني أحمل بشجاعة أملًا بمستقبل التعاون بين الدروز والمسيحيين وكل اللبنانيين لما فيه صالح لبنان وخير شعبه.
من جهته، رحّب أبي المنى بالمطران غالاغير في وطن الرسالة والوحدة الوطنيّة والعيش المشترك والغنى في التنوّع، مشيرًا إلى العلاقة التاريخيّة مع الفاتيكان.
غالاغير من السرايا: التغيير آتٍ إلى لبنان
على صعيد آخر، تابع غالاغير لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، فأكد بعد لقائه رئيس الحكومة اللبنانيّة نجيب ميقاتي في السرايا الحكوميّة أنه أتى إلى لبنان برسالة البابا فرنسيس، وهي رسالة أمل بوطن يعني له الكثير، مضيفًا: “نحن هنا لنقوّي اللبنانيين ونقول لهم إننا معكم لمواجهة التحدّيات، وقرار نهوض لبنان هو قرار لبناني بحت يجب أن تتضافر الجهود في شأنه”.
وتابع: “التغيير آتٍ إلى لبنان، ونحن نصلّي لكي يكون لخير هذا الوطن، وباسم البابا والكنيسة الكاثوليكيّة الجامعة سنقف دائمًا إلى جانب لبنان”.
من جهته، أعرب ميقاتي عن فخره بالمحبّة التي يكنّها البابا فرنسيس لجميع اللبنانيين، مقدّرًا دعوة الزائر الرسولي ليبقى لبنان مشروع سلام ووطنًا للتسامح والتعدّدية حيث تلتقي كل الطوائف والأديان.
وأكد تصميمه على تنفيذ برنامج الحكومة الإصلاحي على الرغم من كل العراقيل والصعوبات، مشدّدًا على أن الزيارة المرتقبة والموعودة للبابا إلى لبنان هي فرصة لتجديد الأمل والرجاء في نفوس اللبنانيين.
وفي ختام زيارته الرسميّة، التقى غالاغير وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، قائلًا: إنها الطريقة الأمثل لأختتم بها الجزء الرسمي من زيارتي لبنان عبر إحياء ذكرى إنشاء العلاقات الديبلوماسيّة، وإحياء العلاقة الحيويّة والديناميّة التي تجمعنا والتي تتناول التحدّيات الكثيرة التي يواجهها لبنان.
وأكد التزام الكرسي الرسولي بالتعاون وتعزيز العلاقات الثنائيّة من أجل مصلحة لبنان.
مسك الختام في عنايا
وكان مسك الختام في عنايا حيث زار غالاغير ضريح مار شربل في دير مار مارون حيث كان في استقبالهم الرئيس العام للرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة الأباتي نعمة الله الهاشم ورئيس الدير الأباتي طنّوس نعمة وأمين سرّ الرهبانيّة الأب ميشال أبو طقة ووكيل الرهبانيّة في روما الأب ميلاد طربيه ورهبان دير مار مارون.
وقام غالاغير بجولة في أرجاء الدير، واحتفل بالقداس الإلهي على نيّة لبنان وشعبه.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا العام يصادف الذكرى السنويّة الخامسة والسبعين على العلاقات الدبلوماسية بين الكرسي الرسولي ولبنان والذكرى الخامسة والعشرين لزيارة القديس يوحنا بولس الثاني الرسوليّة إلى البلاد في 10 أيّار 1997 بمناسبة توقيع الإرشاد الرسولي لما بعد السينودس “رجاء جديد للبنان”، ثمرة السينودس الذي عقد في روما في العام 1995. وتأتي زيارة المطران غالاغير أيضًا بعد عشر سنوات على الزيارة الرسوليّة للبابا بندكتس السادس عشر الذي وقّع في بيروت الإرشاد الرسولي لما بعد السينودس “الكنيسة في الشرق الأوسط”، عقب سينودس الأساقفة من أجل الشرق الأوسط الذي عُقد في العام 2010.