آمال شعيا
يخبرنا الكتاب المقدّس: “لمّا بلغ يسوع الثّانية عشرة من عمره، صعد مع والديه إلى أوشليم، كما جرت العادة في عيد الفصح. وبعد انتهاء أيّام العيد، رجعا، وبقي الصبي يسوع في أورشليم، وهما لا يعلمان. ولكنهما إذ ظنّاه بين الرفاق، سارا مسيرة يوم واحد ثمّ أخذا يبحثان عنه بين الأقارب والمعارف. ولمّا لم يجداه، رجعا إلى أورشليم يبحثان عنه” (لو 2: 41-45).
لنتخيّل أنفسنا، وكأنّنا في قلب الحدث، نمشي الدّرب مع أمّه ويوسف، كي نفتّش عن يسوع… أين هو؟ وماذا يفعل؟
بعد مرور الوقت، نصل إلى الهيكل، فتَدْخُل مريم لتجده هناك، يجلس بين الجمع وعلماء الشّريعة، يخاطبهم وهم يصغون إليه، وهو ينطق بكلام اللّه، وعلامات التّعجّب تسيطر على عقول العلماء، وهم يتساءلون عن مصدر حكمة هذا الصّغير… فتقترب أمّه منه، وتسأله: “ماذا تفعل هنا، ونحن نبحث عنك”؟
ومن ثمّ، يجيبها قائلًا: “لماذا بحثتما عنّي؟ أما تعرفان أنّه يجب أن أكون في ما يخصّ أبي؟” وبعدها، يخضع إلى والديه، ويرجع معهما إلى البيت.
تدفعنا هذه الأحداث إلى استقراء العبر منها، فحضور يسوع في الهيكل يعلّمنا أهميّة الحكمة والإصغاء إلى كلمة اللّه، كلمة الحياة، وهي تنبض في عروقنا، ونحن نشهد لها من خلال أقوالنا وأفعالنا. كما يحملنا مشهد يسوع الذي يطيع كلمة والديه إلى طرح السؤال الآتي: أَليس ما فعله يسوع تجسيدًا لوصيّة الربّ القائل: “أكرم أباك وأمّك؟”
نعم، إنّ هذه الوقفة التّأمّليّة تدعونا إلى الارتواء من ينبوع الحياة، أي كلمة اللّه الصّارخة في حياتنا، كي نرتفع من خلالها نحو العلاء…