غيتا مارون
موسيقي عانق الإبداع، ضابط إيقاع قلوب الشبيبة الملتزمة في الكنيسة، يدعوها إلى الترنيم في حضن عروس المسيح، فيرفعها إلى العلى.
في العام 1982، انطلقت مسيرته مع الفنان الراحل سامي خيّاط. عمل في موسيقى الأفلام والوثائقيّات وتصميم الصوت والمسلسلات والبرامج والإعلانات التلفزيونيّة والإذاعيّة والأناشيد والأغاني والترانيم. أستاذ جامعي منذ العام 2002 (يدرّس الهندسة الصوتيّة والموسيقى الرقميّة والإنتاج السمعي-البصري). مؤسس جوقة «أغابي» وقائدها منذ العام 1979.
حاز جائزة الموريكس الذهبيّة في العام 2005 عن فئة أفضل موسيقى تصويريّة لفيلم «نسمة صيف».
إنه المايسترو كمال سيقلي الذي يشارك «قلم غار» اختباره المفعم بالمحبّة والنغمات السماويّة.
قلبي يرافق الله
بقلبٍ نابض بالفرح، يخبر كمال عن حضور الله في حياته، فيقول: «ترعرعت في كنف أسرة مسيحيّة، وما زلت ملتزمًا في الكنيسة. في الواقع، ليس هناك ما يُسمّى بـ”الله يرافقني”، بل “أنا أرافقه”. الربّ يرافق الجميع، والمهمّ من ينتبه لحضوره.
بالنسبة إليّ، كنت متيقّنًا منذ صغري إذا كنت قريبًا منه أو بعيدًا عنه».
الموسيقى والتلازم بين الفرح والحزن
يتابع كمال سرد اختباره مبتسمًا: «أنا إنسان إيجابي في كل الأوقات. واجهنا مشكلات كثيرة. عشت أجمل اللحظات وأتعسها. الأمران متشابهان. في عالم الموسيقى، عندما يستمع المرء إلى معزوفة معيّنة، فهي ستعكس حالته؛ إذا كان حزينًا جدًّا، سيجد فيها انعكاسًا لشعوره. أما إذا كان سعيدًا جدًّا، فسيجدها شبيهةً بحالته أيضًا.
هناك تلازم بين الحالتين: الحزن العميق والفرح الشديد: حالتان تأخذاننا إلى النقطة عينها. أنا أشعر دائمًا بأنني “محمول” أي أحسّ بأن الله يحتضنني دائمًا.
الربّ يدهشني عندما أنظر إلى المرآة، وأرى خليقته وصنع يديه، وعندما أغوص في التفاصيل. أعتبر أن الله موجود في التفاصيل (الإنسان والطبيعة)».
انطلاقة جوقة «أغابي»
يواصل كمال حديثه عن مسيرته في حقل الربّ، ويتحدّث عن انطلاقة الجوقة الأحبّ إلى قلبه «أغابي»: «في السبعينيات، رغبنا، أنا ومجموعة صغيرة من الأصدقاء، في خلق أسلوب نابض بالحياة لجذب الشبيبة إلى القداس. استوحيت اسم الجوقة من رجل تعرّفت إليه في كنيسة مار يوحنا-الأشرفيّة، وأخبرني أن كلمة «أغابي» تعني «المحبّة» باللغة اليونانيّة، فاخترتها اسمًا للجوقة الجديدة.
اجتمعت النواة الأولى للجوقة في كنيسة سيّدة الملائكة-بدارو، كانت تضمّ حينذاك 5 عازفين وأقلّ من 10 مرنّمين.
في العام 1981، انتقلت الجوقة إلى كاتدرائيّة السيّدة في المتحف، وساعدنا وقتذاك الأب جوزيف يونان الذي أصبح بطريرك السريان الكاثوليك في ما بعد.
في العام 1988، تعرّفنا إلى الأب كميل إفرام، راعي كنيسة السيّدة في الفنار، فأحبّ انضمامنا إلى رعيّته. وهكذا حصل. بدأت الجوقة نشاطها في الفنار منذ 1990 لغاية 2014.
كانت الحرب سببًا رئيسًا للتوقّف الموقّت لنشاط الجوقة في مراحلها الثلاث المذكورة آنفًا.
في العام 2017، انتقلت الجوقة إلى كاتدرائيّة سيّدة العطايا في أدما حيث بقيت حوالى سنتين ونيّف فحسب إذ توقف نشاطها بسبب جائحة كورونا وترميم الكنيسة، بالإضافة إلى أسباب أخرى أدّت إلى عدم التمكّن من الاستمرار في خدمة القداديس.
تحتفل الجوقة بعيدها في 28 شباط، ويبلغ عمرها 41 عامًا».
محبّة وسلام وقربان
«أما الهدف الرئيس الذي سعت الجوقة إلى تحقيقه، فيكمن في خدمة قداس الشبيبة، وشعار “أغابي”: محبّة، سلام، قربان»، يشرح كمال.
ويضيف: «لقد حقّقت الجوقة هدفها بحيث أقبل الناس بكثافة على المشاركة في القداديس التي خدمتها.
أحلامي لا حدود لها: على الرغم من أن هذه الجوقة غير محترفة وغير أكاديميّة وليست جوقة رعيّة بشكل رسمي، فقد بذلنا جهودًا كبيرة وأقنع صدقُنا الكثيرين».
ويردف: «لم أختر عدد 100 للجوقة، حتى إننا تخطيناه ووصل عدد الملتزمين فيها إلى 104، لكن المنبر المخصّص لها لم يعد يستوعبه، فخفّضناه إلى 92».
بشرى إلى محبّي «أغابي»
يؤكد كمال أنه لم يتخذ قرار توقيف نشاط جوقة «أغابي»، عازيًا سبب توقّفها الحالي إلى الظروف المعاكسة، أوّلها الأزمة الاقتصاديّة (تكاليف النقل وبُعد مكان سكن الأغلبيّة عن الكنيسة…)، ما يجعل من الالتزام بالنظام الداخلي الصارم أمرًا صعبًا جدًّا.
وبشّر أعضاء الجوقة ومحبّيها بإمكانيّة عودة نشاطها في المستقبل، قائلًا: «كل الاحتمالات واردة. الجوقة تسري في دمي، ولا يمكنني نسيانها. علينا إيجاد الأرض الصالحة والصيغة المناسبة للعودة».
ربحٌ وكنز حقيقي
في ردّه على سؤال متعلّق باحتمال الربح أو الخسارة في الخدمة الرعويّة، يقول إن اهتمامه بالجوقة جعله يربح إخوة كثيرين، واصفًا ذلك بالغنى العظيم.
ويشير إلى أن ارتباط اسمه بجوقة دينيّة قد يكون له تبعات على عمله في العالم العربي، لكن الأمر ليس خسارة، معربًا عن فخره بمعرفته جميع أعضاء الجوقة، الحاليين والقدامى.
ويختم كمال سرد اختباره عبر «قلم غار»، رافعًا الشكر إلى الله على وجود الخالق، وعلى كل شيء. ويعتبر أنه يعيش حالة شكر دائم وامتنان ليس للربّ فحسب، بل للجميع، أفراد الأسرة وجوقة «أغابي» وزملاء العمل، مؤكدًا أن الله يساعدنا من خلال المحيطين بنا، الكنز الحقيقي في حياتنا.