المونسنيور فادي بو شبل
قرأت ذات يوم في الكتاب المقدّس هذه العبارة: “إنسان خارج من وطنه عصفور شارد من عشّه” (أم 27: 8)، وقد حُفرت هذه الكلمات في ذاكرتي.
وها أنا اليوم، يا ربّ، أقف على عتبة الخروج من الوطن الذي شاءت عنايتك أن أولد فيه، وأحيا طفولتي وشبابي، وأختبر حضورك في حياتي.
اليوم، بعد تخرّجي من الجامعة، ولأسباب اقتصاديّة صعبة، أنا مضطرّ إلى أن أترك هذا البلد الذي قيل عنه إنه “قطعة من السماء”، و”هدايا في العلب”، و”رسالة ليس للشرق وحسب وإنما للغرب أيضًا”.
أنا خائف من هذه الخطوة الجديدة، فالأسئلة تنهمر على ذهني.
هل سيوافقني المكان الذي أنا ذاهب إليه؟
هل سأبقى محافظًا على إيماني خارج الإطار الذي تربّيت فيه؟
هل سأعود يومًا؟
هل ستكون الغربة مجالًا للنجاح أم حقلًا للفشل؟
أعرف ربّي أنك موجود أيضًا حيث أنا ذاهب… وأعرف أنني سألتقي بأناس من كل الأنواع، ولكن هذا لا يعني أنني لا أطرح ألف سؤال وسؤال على نفسي.
يصعب عليّ ترك هذا الوطن، وقد تركه عدد كبير من الشباب…
ويصعب عليّ أن أتغرّب عن الأهل والأقرباء والأصدقاء…
ويصعب عليّ أن أغيّر العادات والتقاليد والثقافة التي أنتمي إليها…
ولكن، لا بدّ من الرحيل، فلكي أؤسّس مستقبلي لا بدّ لي من الرحيل…
ولكي أحقّق أحلامي، لا بدّ من الانطلاق.
لذلك، أطلب يدك لتهديني، وروحك ليرشدني، لكي أبقى ملازمًا لك هناك، وشاهدًا لحضورك حيثما وُجدت، وأينما حللت.
وفيما أنظر إلى رفيقة المسافرين وحاميتهم، أمّي العذراء القديسة، أرسم إشارة الصليب على وجهي وأطلب معونتها، وأتّكل على عنايتك وأنطلق. آمين.