أخبرت معلّمة الكنيسة القديسة تريزيا الطفل يسوع في كتاباتها عن صرخة المخلّص التي ألهبت قلبها وبدّلت حياتها، فسعت إلى خلاص نفوس الخطأة.
إليكم ما جاء في كتابات القديسة تريزيا الصغيرة (الأعمال الكاملة، مخطوط أ، الفصل الخامس، 4):
“في لحظة واحدة، أنجز يسوع العمل الذي لم أستطع إنجازه طوال عشر سنين، مكتفيًا بإرادتي الصالحة، فتسنّى لي أن أقول له مثل رسله: “يا معلّم، لقد تعبت الليل كلّه ولم أصب شيئًا” (لو 5: 5).
وكان يسوع أرحم عليّ من تلاميذه، فأمسك بنفسه الشبكة وألقاها ثمّ أعادها ملأى بالسمك… وجعل منّي صيّادة النفوس، وشعرت برغبة قويّة في العمل على هداية الخطأة، تلك الرغبة التي لم أشعر بها بهذه الشدّة…
وبكلمة، لقد شعرت بالمحبّة تنفذ إلى أعماق قلبي، والحاجة إلى نسيان ذاتي لكي أرضي الآخرين.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت سعيدة!…
وفي يوم أحد، كنت أنظر إلى صورة تمثّل سيّدنا يسوع المسيح مصلوبًا، فتأثّرت بالدم السائل من إحدى يديه الإلهيّتين، وانتابني غمّ شديد حينما فكّرت في أن هذا الدم كان يسقط على الأرض، من دون أن يسارع أحد إلى التقاطه.
عزمت على أن أقف بالروح عند أقدام الصليب لكي أتلقّى ذلك الندى الإلهي الجاري منه، وفهمت أن عليّ، بعد ذلك، أن أرشّه على النفوس… وكانت صرخة يسوع على الصليب ترنّ باستمرار في قلبي: “أنا عطشان!” (يو 19: 28).
كانت هذه الأقوال تلهب فيّ حرارة شديدة لا عهد لي بها… كنت أريد أن أسقي حبيبي، وكنت أشعر بأنني أذوب عطشًا إلى النفوس… ولم تكن، يومئذٍ، نفوس الكهنة هي التي تجذبني، إنما نفوس كبار الخاطئين. كنت أتحرّق شوقًا إلى انتزاعهم من النيران الأبديّة”…