غيتا مارون
توفيق دياب، ملتزم في الحقل الرسولي على مدى 29 عامًا، يخبر “قلم غار” عن مسيرة غنيّة بالتسليم لإرادة الله.
كان جوابي: نعم!
“دعاني يسوع وأجبتُ بنَعَم، وبدأت مسيرتي مع الربّ، فاتّكلت على قدرة الله التي تعمل في الإنسان لتقوده كي يكون شاهدًا ليسوع على الرغم من ضعفه”، يخبر توفيق.
“تجلّى عمل الربّ في مسيرتي عندما كنت أطرح تساؤلات عديدة حول معنى الحياة والموت وغيرها إلى حين التقيت بشهود يهوه الذين أحدثوا بلبلة في حياتي… منذ ذلك الحين، بدأت أتعمّق في كلمة الله، وشعرت بأن الله حاضر دائمًا وكلّي القدرة إذ يحوّل الشرّ الذي يتسلّل إلى حياة الإنسان ليبدّل مساره إلى أمر إيجابيّ، كما حصل في العهد القديم مع يوسف الذي اعتبر أن الله بدّل مسار الأمور لخيره: “أنتم قصدتم لي شرًّا، أما الله فقصد به خيرًا (تك 50: 20)”.
“لتكن مشيئتك”… مسيرة حياة
ويقول توفيق: “ألتقي الله من خلال الأحداث والأشخاص الذين يدخلون حياتي في لحظات صعبة أو على مشارف خطوات مصيريّة.
مررت بصعوبات كبيرة، منها تعرّضي لوعكة صحيّة قويّة أثّرت سلبيًّا على صحّتي، فكانت هذه المرحلة مناسبة لأتأمّل في دور الله في حياتي، وقد رافقني كاهن بقي إلى جانبي، وساعدني أصدقائي، فاستطعت من خلال لقائي الشخصي بيسوع وصلاتي اليوميّة تجاوز هذه المرحلة الصعبة، ولمست حضوره في وقت العافية والمرض.
“لتكن مشيئتك” تلخّص مسيرة حياتي إذ هناك صراع دائم في الحياة بين مشيئة الإنسان ومشيئة الله، ويعتبر المرء أنه يحقّق عبر مشيئته الشخصيّة مشروعه في الحياة لكنه يكتشف مع مرور الوقت أن الأمور لا تسير على هواه، فمشروع الله هو في النهاية لصالحي إذ لا أحد يعرف أعماق الإنسان مثل خالقه، على حدّ قول القديس أغسطينوس: “الله أقرب من ذاتي لذاتي” أي هو قريب جدًّا إلى درجة إذا تجاوبت مع رغبة قلبه في حياتي، يقودني إلى المكان الذي سأجد فيه سعادتي، ويتمّ ذلك عبر التسليم المطلق لإرادته، فأقول: “لتكن مشيئتك” في كل المواقف والصعوبات… وهذا التسليم يوصل الإنسان إلى سعادة قلبه، فيكتشف أن الله رافقه في كل مراحل حياته”…
بين التكرّس والعزوبيّة والزواج
ويتابع توفيق: “لا اختلاف بين التكرّس أو الزواج أو العزوبيّة… فإذا كنت متزوّجًا، سأتبع يسوع مع زوجتي، وإذا كنت عازبًا، سأكون أيضًا إلى جانب يسوع… المهمّ اتّباع يسوع…
أشعر بأن التكرّس يجذبني من جهة، والارتباط يشدّني من جهة أخرى إلا أن ظروف الحياة والمصاعب حالت دون زواجي”…
كلمته أعطتني الحياة
ويرفع توفيق الشكر إلى الربّ قائلًا: “أشكر الله من أعماق قلبي على نعمة الحياة والعائلة والأشخاص الذين التقيتهم في حياتي، إذ شعرت بمحبّة الله من خلال وجودهم، وكل المحطات الأساسيّة التي صقلت شخصيّتي، فاكتشفت أن الله أب حنون يهتمّ بي، وكأنّه شكّلني في قلبه وعقله قبل أن أبصر النور، حتى ولدني للحياة في عائلة مفعمة بالحبّ…
كلمة الله هي حياة، وكلمته التي اختبرتها أعطت الحياة لحياتي، هي تاريخ مقدّس، فاكتشفتُ حضوره بلمسات رائعة وحنونة ومُحِبّة… لسنا مجرّد أرقام في عينيّ الربّ بل أشخاص، وكل فرد منا هو مشروع يعمل الله عليه من أجل نموّه، ونرى علاماته في حياتنا، ما يغنينا ويجعلنا نقرأ الماضي على ضوء الحاضر، والعكس صحيح، فنثب إلى الأمام واثقين بأن يد الله ترعانا وترافقنا إلى الأبد”.