آمال شعيا
“وجميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يضطهدون” (2 تي 3: 12).
أحبّ شهداء صور الخمسمئة المسيح من كلّ كيانهم، وقلبهم، وعقلهم وروحهم، حتّى إنّهم بذلوا دمهم في سبيل المحافظة على إيمانهم بكلمته، كلمة الحقّ والحياة. عاشوا في عهد الملك “ديوكليسيانس”، وكان المسيحيّون حينها يعانون من الاضطهادات الشديدة. ونذكر من هؤلاء الشّهداء القديسة “كريستينا” ابنة والي صور، والقديسة “ثيودوسيا”، والأسقفين “تيرانيوس” و”سيلوانس” والكاهن “زينوبيوس”…
لمّا دنت ساعة قول الحقيقة في وجه الأصنام، رأينا شهداء صور الأطهار، وهم لم يصغوا في حياتهم إلّا إلى نداء الربّ، الصّارخ في أعماقهم، يناديهم ويشدّ عزيمتهم لمواجهة الاضطهاد، فإذا بقائد العسكري “فتيوريوس” يأمر جميع أبناء صور بتقديم البخور للآلهة الوثنيّة، فتقدّم الأسقفان والكاهن ومعهم كلّ المؤمنين، وأعلنوا بكلّ شجاعة وثقة إيمانهم بالمسيح المنتصر والقائم من بين الأموات.
عندئذٍ، عرفوا جميعهم، نتيجة اعترافهم بالإله الحقيقيّ، أشدّ العذابات، إذ مزّق الجلّادون أجسادهم تمزيقًا بضرب المجالد. ومن ثمّ، قاموا برميهم إلى الوحوش المفترسة، لكنها لم تؤذهم، وأكملوا تعذيبهم بالنار والحديد إلى أن ضُربت أعناقهم، فاستحقوا أن يُتوّجوا بإكليل المسيح الملك الأزليّ…
يا ربّ، إنّنا نسألك مع هؤلاء الشّهداء القديسين، في ذكرى عيدهم المبارك، أن تمنحنا قوّة إيمانهم في محاربة كلّ اضطهاد نتعرّض له في هذه الأزمنة، في كنيستنا الأمّ، الجامعة المقدّسة، وأن نتعلّم ألّا نسكب عطر بخورنا أمام آلهة من أصنام منتشرين اليوم في مجتمعنا وفي الكثير من مظاهر الحياة ومغرياتها الماديّة، بل علّمنا أن نغرس كلمتك في تربة عقولنا، وعندما تنضج، نحمل عطر ثمارها إلى كلّ من نلتقي به، وألّا نركع في حياتنا إلّا لوجهك القدوس، المستحق كلّ تقدير وتعظيم إلى أبد الآبدين. آمين.