ب. ب.
نثرتُ ورودي في أبهى المطارح، وزرعتُ الحبّ والسلام في كل مكان. أنا ريتا القديسة، عاشقة المصلوب، وهذه قصّتي مع يسوع.
———————————————————-
«إن آمنتم بالربّ ما من شيء مستحيل»، كلمات تختصر حياة قديسة آمنت بأن الله وحده لا يتغيّر، هي التي غيّرت أمورًا كثيرة في حياة الملايين، فكانت خير معين وسند لهم.
أبصرت ريتا النور عام 1381 في روكا بورينا قرب كاشيا في إيطاليا، واسمها هو اختصار لمارغريتا ومعناه زهرة الأقحوان.
والداها التقيّان أنطوان لوتّي وإيميه فيرّي علّماها حبّ يسوع والكنيسة، لكنهما أجبراها على الزواج من شاب عديم الأخلاق يُدعى بول فرديناندوس، هي التي لم تعتد مخالفة أمر أبوَيْها الطاعنَيْن في السنّ، فتوسّلتهما كي يتركاها تتبع دعوتها الرهبانيّة من دون جدوى.
تحمّلت ريتا إهانات زوجها المتواصلة لها، فكان يفتعل المشاكل وينتقم من كل من يخالفه الرأي. وإذا لم يتمكن من شفاء غليله، كان يصبّ جام غضبه على ريتا، سواء بالضرب المبرّح أم الكلام الجارح.
على الرغم من كل الأوجاع، رزق الله ريتا بتوأم: جان-جاك وبول، فَصَلَّت لأجلهما كثيرًا كي لا يحذوا حذو والدهما.
تبدّل زوجها وأصبح رجلًا صالحًا، لكنه قُتِلَ على أيدي أعدائه. بدأ ولداها يحضّران للثأر لأبيهما، فتضرّعت إلى الله ليأخذهما إلى مسكنه السماوي قبل أن يسلكا طريق الشرّ. مضت الأيّام، وفتك المرض بالواحد تلو الآخر، فاعتنت بهما بحبٍّ حتى مماتهما.
عاد حلمها الأوّل يناديها، ألا وهو الترهّب، فطرقت باب دير القديسة مريم المجدليّة للراهبات الأغسطينيّات أكثر من مرة، لكن طلبها رُفِضَ لأنها كانت أرملة.
في إحدى الليالي، بينما كانت غارقة في الصلاة، سمعت صوتًا يردّد اسمها. خرجت من المنزل، وسارت في الشارع، فرأت شيخًا مع شخصَيْن آخرَيْن. عرفت أنهم شفعاؤها القديسون يوحنا المعمدان وأغسطينوس ونيقولاوس، فطلبوا منها أن ترافقهم وأدخلوها دير القديسة مريم المجدليّة في كاشيا على الرغم من أن الأبواب كانت موصدة.
في الصباح، دُهشت الراهبات بوجود ريتا، فأخبرتهن بما حصل معها. وهكذا، قُبِلَت في الرهبانيّة بين المبتدئات. وكانت تقوم بأصعب الأعمال وأحقرها، وتجلد نفسها يوميًّا مرات عدّة.
ذات يوم، أرادت رئيسة الدير امتحان طاعتها، فأمرتها بِرَيّ عود كرمة يابس، كل صباح ومساء. نفّذت الأمر، ودبّت الحياة في العود مجدّدًا، وامتلأ بعناقيد العنب.
حبّها للمصلوب جعلها دومًا في حالة انخطاف، فكانت تجثو على ركبتيها أمامه لساعات طويلة، متوسّلةً إيّاه أن يشاركها في جراحاته. وهكذا حصل، فغُرِسَت شوكة من إكليل المصلوب في جبينها، وتحمّلت الألم الشديد على مدى 15 عامًا قبل أن تنتقل إلى السماء في 22 أيّار 1457، وشعّ النور في غرفتها وانتشر عطر أخّاذ في كل أرجاء الدير.
وُضِعَ جثمانها مكشوفًا في تابوت من السرو حتى العام 1595. من ثم، نُقِلَ إلى الكنيسة التابعة لديرها.
أعلن البابا أوربانوس الثامن ريتا طوباويّة في العام 1628، ورفعها البابا لاوون الثالث عشر قديسة على مذابح الربّ في العام 1900.
عجائب كثيرة اجتُرحت بشفاعة القديسة ريتا، وكنائس عدّة شُيّدت على اسمها في لبنان والعالم.
تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بتذكار القديسة ريتا في 22 أيّار من كل عام، وهي شفيعة الأمور المستحيلة.
———————————————————-
أيتها القديسة ريتا، أبعدي عنّا ظلم حكّام الأرض، واجعلي أيّامنا نابضة بالإيمان، فيفوح عطر قداستك ويشع نورك على مدى الأزمان.