شربل غانم
آه! كم هي قاسية وموحشة نظرة المجتمع ومعاملته لهؤلاء الصغار المباركين. أعوام جعلتني كبطرس الثائر في دفاعه عن يسوع في بستان الزيتون. أكملت معهم درب جلجثة حياتهم، ليس رغمًا عنّي بل محبّةً بالمسيح الذي لمست جروحاته من خلال شقاء حياتهم بتحدِّيهم مجتمعًا لا يقتدي بيسوع الذي عاش كامل إنسانيّته وأحبّ من دون محاباة بل رفع الضعفاء ودعاهم إلى وليمة الملك الإله.
تأمّلت في القيرواني الذي سُخِّرَ من أجل حمل صليب يسوع. عاش اختباره برفقة المسيح في أصعب مرحلة من سرّ الفداء. لقد رآه مثخنًا بالجراح يُضرب بالسياط، وعاين سقوطه تحت الصليب ثلاث مرّات ونهوضه ومتابعة سيره. شاهد لقاءه بأمّه مريم العذراء… عند الصليب، وقف التلميذ الحبيب حيث سُلِّمَ إليه دور يسوع الابن في رعاية أمّه مريم. بمَ شعر يوحنا في تلك اللحظة؟ في يوم لم أكن أتوقّعه، سُلِّمَت إليَّ أمانة البنوّة لأمّهات ولدنَ إخوة وأخوات… نعم، شعرت حينذاك بما عاشه التلميذ الحبيب!
أرغب اليوم في أن أشهد لإخوتي الأحبّ والأقرب إلى قلب الربّ مع بولس الرسول (2 كو 3: 3): «أنتم أنفسكم رسالتنا، مكتوبة في قلوبنا، يعرفها جميع الناس ويقرأونها. نعم، تبيّن أنكم رسالة المسيح جاءت على يدنا، وما كتبناها بحبرٍ، بل بروح الله الحيّ، لا في ألواحٍ من حجرٍ، بل في ألواحٍ من لحم ودم، أي في قلوبكم».
إخوتي، أنتم تشهدون للكلمة أمام الجميع، وأنتم مدرسة في عيشكم السلام الداخلي ومواجهة الحياة!