غيتا مارون
“في تلك اللحظات الرهيبة، توقف الزمن، وشعرت بأن راين لن يعود”، بهذه الكلمات تصف والدة راين دوللي كنعان ما حصل معها عندما اختُطف ابنها.
حدثٌ مفاجئ هزّ عائلة كنعان الصغيرة المؤلفة من أب وأمّ وابنين (راين وإلفين)، وجعل اللبنانيين يتابعون مسار قضيّة الابن الأكبر ويصلّون من أجل تحريره وعودته سالمًا.
عائلة راين كنعان المتواضعة تشارك “قلم غار” اختبارها حضور الله في حياتها في أصعب الأوقات.
24 ساعة من الظلام
“توقفت عقارب الساعة عن الدوران، وشعرت بأن راين لن يعود حتى عجزت عن طلب النجدة”، تخبر دوللي بقلب دامع لأنها ما زالت عاجزة عن تصديق ما حصل مع ابنها الحبيب.
“نظرت إلى السماء وقلت: يا ربّ، ليس لي سواك… “راح الصبي، ردّلي ياه”… وشعرت بأن عودته إلى المنزل سالمًا مستحيلة. كانت صدمة كبيرة جدًّا! للمرّة الأولى أتعرّض لحدث مماثل… فقدت الأمل لبعض الوقت لكن راين عاد بأعجوبة بفضل الإيمان والمحبّة والصلاة ودعم الأصدقاء”…
أما والد راين جوزيف كنعان، فيصف ما حدث مع ابنه بالمرحلة الصعبة، مضيفًا: “من لم يعش هذا الاختبار الأليم، لن يقدّر الألم الذي سبّبه. كانت لحظات صعبة جدًّا بسبب الضغوطات التي انهالت عليّ، والشعور بالذنب على مدى 24 ساعة لأنني لم أكن معه. لو كنت معه، ربما لما حدث هذا الأمر. 24 ساعة من الظلام، بقيت تائهًا من دون طعام ونوم، لم أعرف إذا كان ابني بخير أو في خطر… نشكر الله لأننا استطعنا استعادته في النهاية، ورافقتنا الصلوات التي مدّتنا بالقوّة”.
تحت مظلّة الربّ
ويتابع جوزيف: “لم نكن نملك أيّ معلومات حول مكان راين أو سبب اختطافه. نحن عائلة مسالمة تعيش تحت مظلّة الربّ، واهتمامنا منصبٌّ على العمل والأهل والكنيسة. بعد الاتصال الأوّل الذي تلقّيناه من الخاطفين، عرفنا أن راين ما زال على قيد الحياة، ورافقنا الجميع بالصلوات وإضاءة الشموع… بدأت المرحلة الصعبة منذ تلقّي هذا الاتصال لكننا تمسّكنا بإيماننا بالله القادر على فتح الأبواب المغلقة متى شاء، وإن كانت الأجهزة الأمنيّة تساندنا”.
يسوع ومريم أعاداني إلى أهلي
يؤكد راين (11 عامًا)، الطفل المحرّر وصاحب المحيّا المشرق المشعّ بالسلام، أنه عاش أكثر الاختبارات صعوبة حتى الساعة، ويقول: “كنت أرافق أميّ في أحد المحلات، وشعرت فجأة بأنني “طاير”، لم أتخيّل أنني مخطوف. اعتقدت أن أحدهم يمازحني، حاولت ثني الخاطف عن متابعة تنفيذ عمليّته لكنني لم أنجح…
وضعني الخاطفون في الحقل، وعاملوني بقساوة، وهدّدوني بالقتل.
لم آمل في عودتي إلى المنزل إلا أنني اتكلت على يسوع ومريم، فأعاداني إلى أهلي بخير وسلامة.
كنت خائفًا لكنني صلّيت المسبحة، فشعرت بالطمأنينة والسلام والراحة. عندما وصلت دوريّة شعبة المعلومات إلى مكان الاختطاف، سمعت إطلاق نار وناداني أحدهم، فخرجت إلى الحرّيّة!
شكرت الله وشعرت بالأمان”.

لحظة تاريخيّة وولادة جديدة
وتصف والدة راين لحظات التحرير وعودة ابنها إلى كنف أسرته، قائلة: “يا لها من لحظة مؤثرة عندما أخبرني الناس بتحرير ابني إذ علموا من الإعلام قبل أن يصلني الخبر، فباركوا لي بسلامته.
عندما رأيت راين بصحّة جيّدة، لم أعد قادرة على تمالك نفسي… سألته: هل أنت بخير؟ فأجابني: أمّي، لا تقلقي! أنا بخير! لقد صلّيت وطلبت تدخّل العناية الإلهيّة. كلمات ابني فرّحت قلبي لأنه لم يخيّب أملي. إن الأمّ لا تعلم إلى أي مدى استمدّ ابنها الغذاء الروحي منها، لكن راين على قدر المسؤوليّة وأنا فخورة به…
لقد كان ابني متأثًرا بجدّته التي نزورها بشكل دائم، وكان شديد القلق علينا في خلال اختطافه، حتى إن جدّته ما زالت متضايقة لغاية اليوم بسبب حادثة الاختطاف على أمل أن تتخطّى هذه الأزمة قريبًا”.
ويقول والد راين: “بعد تحرير ابني، بدأت مباركات الأصدقاء تنهال علينا، ولم نكن قد علمنا بأن القوى الأمنيّة حرّرته. كنا ما زلنا نتابع التحقيق في شعبة المعلومات… يا لها من فرحة لا توصف! يا لها من لحظة تاريخيّة كأن راين ولد من جديد! شاركنا الجيران فرحتنا إذ احتفلوا بعيده كأنه حديث الولادة”.
ويعلّق راين على ذلك بالقول: “أعلم أن كل لبنان كان يصلّي من أجلي. فرحت من قلبي لأن الجميع اتحدوا بالصلاة من أجل مساندتي!”
يسوع يفي بوعده
وترفع عائلة كنعان الشكر إلى الربّ على رجوع ابنها راين، فتقول دوللي: “أحمد الله على رجوع ابننا لأننا لو خسرناه، لكانت حياتنا اتشحت بالسواد. الشكر ليسوع ومريم! بالرغم من آلامي، لم أفقد شعوري بالسلام وأملي بعودة راين، ووثقت بأن يسوع لن يخذلني!”
من جهته، يقول جوزيف: “أشكر الله كل يوم وكل دقيقة لأنني متمسّك بإيماني الصلب. أحمده على كل شيء، وأشكره على حياتي وعائلتي وأهلي وأحبّائي”.
ويجدّد راين الشكر لله على أهله والعناية الإلهيّة التي أنقذت حياته.
