باسمة بو سرحال
أنعم الله عليَّ بوزنات كثيرة، واختلج قلبي إيمانًا وتشبّثًا بمسيحيّتي، فاختبرت أنّ «الشاطر يلّي بيخلّص نفسو». أنا القديس نعمة الله الحرديني، وهذه قصّتي مع يسوع المسيح.
———————————————————-
من مسقط رأسه في حردين البترونيّة، بلدة الثلاثين ديرًا وكنيسة، فاح عطر قداسة يوسف كسّاب الذي أبصر النور عام 1808.
منذ صغره، كانت الصلاة رفيقته الدائمة، هو الذي تربّى في كنف عائلة مسيحيّة تقيّة، وتعبّد للقربان الأقدس، وكرّم مريم العذراء.
والده جرجس كسّاب ووالدته مريم ابنة الخوري يوسف يعقوب من تنّورين. كان الرابع بين أربعة أشقاء هم: عسّاف، والياس هو الحبيس ليشع الذي تنسّك في دير مار أنطونيوس قزحيا قبل أن ينتقل إلى محبسة دير مار مارون في عنايا، والكاهن طانيوس، ويعقوب. وله أيضًا شقيقتان هما مسيحيّة التي ترهّبت في دير مار يوحنا حراش ومريم.
في العام 1816، التحق بمدرسة دير مار أنطونيوس في بلدة وطى حوب، التابعة للرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، ودرس فيها حتى العام 1822.
في العشرين من عمره، اختار له اسم الأخ نعمة الله بعدما دخل دير مار أنطونيوس قزحيا حيث برع في تجليد الكتب.
في 14 تشرين الثاني 1830، أبرز نذره الأوّل. ثمّ أُرسل إلى دير مار قبريانوس ويوستينا في كفيفان حيث درس اللاهوت.
في 25 كانون الأوّل 1833، رُسِمَ كاهنًا بوضع يد النائب البطريركي المطران سمعان زوين بأمر من البطريرك يوسف حبيش.
عُيِّنَ مدبّرًا عامًا في مجمع الرئاسة العامة للرهبانيّة ثلاث مرات بأمر الطاعة إذ لم يرغب في تسلُّم الرئاسة، قائلًا: «إنّي أسأل الله ألا أموت وأنا حاصلٌ على وظيفة». ودرّس الأولاد في المؤسسات الرهبانيّة التعليميّة. كما علّم اللاهوت للإكليريكيين، ومن أبرز تلامذته القديس شربل مخلوف.
كان الأب نعمة الله مثال الرهبان الصالحين الغيورين على الكنيسة، يقدّم المعونة لكل من احتاجها، ويحترم الجميع من دون أيّ تمييز. وكان متواضعًا ومحبوبًا لدى رؤسائه وإخوته في الأديرة التي تنقّل بينها.
من عجائبه قبل وفاته ملء غرفة المؤونة شبه الفارغة في دير القطّارة، بعدما طلب رئيس الدير الأب برناردوس منه معاينة النقص الحاصل، فوقف الأب نعمة الله مصلّيًا وأخذ القليل من الماء وباركه ورشّه على الأكياس. بعد فترة وجيزة، دخل وكيل المؤونة المكان، فوجد الأكياس مليئة، وبدأ يصرخ: «أعجوبة، أعجوبة!».
في 14 كانون الأوّل 1858، أسلم الحرديني الروح بعدما أُصيب بمرض ذات الجنب بسبب الريح الشماليّة.
إثر وفاته، روى كثيرون أنّ نورًا شعَّ من قبره حيث حصلت معجزات بعدما تهافت الناس من كل الطوائف طالبين بركته، فدُعِيَ قديس كفيفان.
بعد سنة على انتقاله إلى السماء، فُتِحَ القبر ووُجِدَ جثمانه سليمًا، فنُقِلَ إلى تابوت خاص في المدافن العامة حيث بقي حتى العام 1862.
عقب الإقرار بأعجوبة شفاء أندريه نجم إثر تأكيد الأطباء أنّه لن يعيش بسبب فقر دم حاد ناتج عن فشل النخاع العظمي، أعلن البابا يوحنا يولس الثاني الحرديني طوباويًّا في الفاتيكان في 10 أيّار 1998 وقديسًا في 16 أيّار 2004 بعد تثبيت أعجوبة شفاء روز سعد من العمى.
تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بتذكار القديس نعمة الله الحرديني في 14 كانون الأوّل من كل عام، طالبةً شفاعته من أجل تعزيز الإيمان وخلاص النفوس.
———————————————————-
أيها القديس نعمة الله الحرديني، يا من جعلتَ قلبك مذبحًا لمحبّة المسيح، نسألك أن تسكب في قلوبنا نعمة الإيمان العميق والاتحاد الحقيقي بالله. كن شفيعنا أمام عرش النعمة، واسأل الربّ أن يمنحنا القوّة لنحيا بقداسة كما عشت طوال حياتك.