آمال شعيا
د. ربيعة أبي فاضل، أستاذ جامعي (علّم في كليّة الآداب-الفرع الثاني 1990-2015)، وصحافيّ (كتب في جريدة النّهار-الصّفحة الثقافيّة 1979-1994 ومجلّة الحوادث 2000-2011)، وفي رصيده 50 كتابًا في القصّة والنّقد والشّعر الصّوفي، ويحمل دكتوراه في الآداب، يشاركنا عبر “قلم غار” مسيرته الإيمانيّة المفعمة بالحكم والتأمّلات النورانيّة.
بين النعم التلقائيّة والقراءات الروحيّة
يطلعنا د. أبي فاضل كيف لمس حضور الربّ في حياته، فيقول: “إنّه عائد إلى أمرَيْن: نعمه التلقائيّة التي أُعطيت لي، مُعمّدًا، وابن الكنيسة المضطهدة عبر العصور، وقارئًا نهمًا للكتب الروحيّة من أوغسطينوس إلى رانيارو كانتالاميسا (Raniero cantalamessa)، ومن القديس بندكتوس السادس عشر، اللاهوتي العميق، مرورًا بابن الفكر الأصيل الخلّاق توما الأكويني، وغيرهم شأن يوحنا الصليب، وإفرام السرياني، وتريزا الأفيليّة، وتريزيا الطفل يسوع، وكلارا…
أمّا الأمر الثاني فهو الضمير الحيّ الذي لا يستريح في حال الخروج على تعاليم المسيح، أو الاستسلام لرغبات الدنيا. وما دام ضميري يؤنّبني ويمارس قساوته عليّ، فأنا مُطمئنّ إلى أنني أجد علاجًا لضلالي”.
الأمثولة تكمن في الجوهر
وبعدما اختبر د. أبي فاضل الحياة بكلّ ما فيها من تحدّيات، اكتشف حقيقة الأمور، وكيفيّة النظر إليها، فيخبرنا قائلًا:
“تنشّأت في بيت مؤمن، وفي ظلّ صوت أبٍ يعشق الإنشاد والحقّ. في المرحلة الأُولى، راقبت العالم، وطالعت الكتب، واختبرت النّاس. وفي الثّانية، اتّخذت مواقف ثابتة من الحياة والقضايا والأشياء. وفي المرحلة الحاليّة، آثرت العزلة والتّأمّل والثّقافة على السياسة والانخراط في فوضى الخارج. والأمثولة من كلّ ذلك، أنّ الخير والجمال واللطف والجلال لا تتمثّل في الظاهر، وفي ما تروّج له وسائل الإعلام والتواصل. فما ثبت لديّ هو أنّ الجوهر يكمن في الإصغاء أبدًا إلى ما قال يوحنا المعمدان لهيرودس، وما قال المسيح للفريسيين، أهل المظاهر والجاه الباطل! ففي روحيّة الأسيزي ومعلّمه، وسابقه نجد العزاء، وفي خطاب حكّام العالم ومنطقهم، نجد النفاق، والخواء!”
حبّه أضاء مصباحي
ويرفع د. أبي فاضل الشكر إلى الله، قائلًا:
“أشكر له صبره عليّ، وإلحاحه على مواكبتي في الحياة وعدم يأسه من ضعفي، وأهلّل له، عند الفجر، وفي المساء، لأنّه منحني فرصة أرتني الشمس الدافئة والقمر الساهر، وثمار الأرض، وألحان الطيور. وأسجد أمامه لأنّه حرّرني من الإثم بالتوبة، ومن العتمة بالنور، ومن التقيّة بالوضوح، ومن الخبث بالبساطة، وعندما قال لي إن المصباح المضيء يوضع على منارة، علّمني ألا أكون ضحيّة الأخفية والخفايا وألا أجعل حياتي كتلة تناقضات ومآسٍ!”