رئاسة التحرير
عرّاب «قلم غار» الإكسرخوس الرسولي فادي بو شبل الحبيب،
في ملامح وجهك الأبيض، سكن الألم بصمت…
يا من كرّستَ حياتك لخدمة الله والبشر، وأمضيتَ سنواتك بين لبنان والخارج، حاملًا هموم رعايا تحتضنها بروح الراعي الصالح وبحنان الأب.
في لحظات الفقدان، أمام رحيل والدتك الفاضلة سلمى، كانت الكلمات للعبرات التي رافقت العبور… عبورٌ سلامي من الأرض إلى السماء.
في عيد شفيعتك القديسة تريزيا الطفل يسوع، غابت والدتك لأنّ إلهها ناداها، فهي الآن في حضرته. لم يكن انتقالها مجرّد صدفة، بل رسالة تحمل معاني تتجاوز الفهم البشري وتؤكد عمق روابط روحيّة تتخطى الزمان والمكان.
«سيّدنا»… كما تحلو لنا مناداتك، دموعك غزلت مكنونات نفس عجزت الكلمات عن ترجمتها… دموع اختصرت دموع الأبناء جميعًا؛ وجعٌ تداخَل في وجعٍ، كأنّ الكون جمع أحزان جميع فاقدي أمّهاتهم في تلك اللحظة.
وجهك الأشقر الذي لطالما ازدان بالبسمة تحوّل إلى سيمفونيّة آهات. وجهٌ متّشح بالإيمان لكنه مغمور بظلال الحزن. عيناك عانقتا دموعًا نقيّة هي عبرات الراعي المتألم.
يداك اللتان احتضنتا المؤمنين برحمة وصبر، ارتفعتا للصلاة ورفع البخور، لكنهما ثقيلتان جدًّا… ثقلهما يفوق الوصف.
في صميم فؤادك، ما زلتَ تسمع نبضات قلبها… كأنّ الروحانيّة التي غرستها والدتك فيك قد اتّحدت مع روحانيّتك العابقة بالمحبّة والسلام والطهر لتكمل رحلة لا تنتهي بالفراق، بل تنطلق من جديد في علاقة أبديّة تصل الأرض بالسماء.
في لحظات الوداع الأخير، حملتَ في قلبك وجع الإنسانيّة الباكية لدى فراقها أغلى الأحبّاء، لكننا لمسنا في أعماقك باقات الرجاء التي قدّمتها قربانًا في سبيل خلاص النفوس، بإيمانٍ لا يتزعزع وبعاطفةٍ لا تنضب.
